التخطي إلى المحتوى

في مشهد يعكس عمق التحالف الاقتصادي بين القاهرة وبكين، تستعد العلاقات المصرية الصينية لمرحلة توسع غير مسبوقة، إذ تتحول الاستثمارات الصينية من مجرد مشروعات تقليدية إلى رؤية استراتيجية تمتد لتأسيس بنية اقتصادية عابرة للحدود تربط الشرق بالغرب عبر بوابة مصر.

الصين تضخ 8 مليارات دولار في شرايين الاقتصاد المصري

لم تعد العلاقة بين البلدين مجرد تبادل تجاري، بل أصبحت مشروعًا تنمويًا طويل الأمد يعيد رسم خريطة الصناعة في المنطقة، حيث تضخ الصين 8 مليارات دولار في مشروعات حيوية بالعاصمة الإدارية والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتواصل حضورها كأكبر شريك تجاري واستثماري لمصر خلال العقد الأخير.

شراكة تنموية ترسخ التحول الصناعي

تكشف الخطوة الصينية عن تحول نوعي في مسار التعاون، مدفوعًا بقرار بكين إعفاء الصادرات المصرية من الرسوم الجمركية نهاية نوفمبر 2025، في إطار مبادرة “الشراكة من أجل التنمية”. 

القرار الذي أعلنه السفير الصيني في القاهرة، يمثل انتقال العلاقات من مرحلة التجارة إلى التكامل الصناعي، ويعزز موقع مصر كمركز إنتاجي وتصديري رئيسي نحو إفريقيا والشرق الأوسط.

استثمارات تمتد من القناة إلى العاصمة

تغطي خريطة الوجود الصيني مواقع استراتيجية تمتد من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس شرقًا إلى العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة غربًا.
وتتنوع المشروعات بين قطاعات الطاقة، والتكنولوجيا، والزراعة، والاتصالات، بما ينسجم مع رؤية بكين لبناء قواعد إنتاج إقليمية متكاملة.
وخلال العامين الماضيين فقط، جذبت المنطقة الاقتصادية 128 مشروعًا بقيمة 6 مليارات دولار، حازت الشركات الصينية منها على 40%، ما يعكس الثقة المتزايدة في السوق المصرية.

منتدى الاستثمار المصري الصيني.. منصة للتكامل الإقليمي

أكد وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المهندس حسن الخطيب أن المنتدى الاقتصادي المشترك يجسد عمق التعاون الاستراتيجي بين البلدين، مشيرًا إلى أن مصر تحتضن أكثر من 2800 شركة صينية تعمل في قطاعات متنوعة، بإجمالي استثمارات تتجاوز 8 مليارات دولار.
وأوضح الوزير أن الحكومة تسعى لتوسيع قاعدة التصنيع المشترك الموجه للتصدير لتحقيق توازن أكبر في الميزان التجاري، وجعل الشراكة أكثر استدامة وتنوعًا.

نماذج نجاح تفتح آفاق المستقبل

من أبرز نماذج التعاون المثمر، مشروع شركة تيدا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ومشروعات شركات مثل هايير وميديا، التي نجحت في تعزيز التصنيع المحلي وتصدير منتجاتها إلى الأسواق الإقليمية. كما كانت الشركات الصينية من أوائل المساهمين في تنفيذ مشروعات كبرى بالعاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، ومشروع القطار الكهربائي السريع.

أرقام تؤكد الصدارة

بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين في عام 2024 نحو 17 مليار دولار بزيادة 6% عن العام السابق، لتبقى الصين الشريك التجاري الأكبر لمصر للعام الثالث على التوالي. 

كما ارتفعت الاستثمارات الصينية إلى نحو 957 مليون دولار في العام المالي 2022-2023 مقارنة بـ563 مليونًا في العام السابق، مع تزايد اهتمام بكين بالاستثمار في قطاعات الصناعة والطاقة المتجددة والزراعة والتكنولوجيا.

تحديات التوازن وفرص التكامل

رغم المكاسب المتبادلة، يثير توسع الاستثمارات الصينية تساؤلات حول حماية الصناعات المحلية أمام القدرات التكنولوجية الهائلة لبكين. لكن خبراء الاقتصاد يرون أن دمج الخبرة الصينية مع برامج التصنيع المحلي يمكن أن يشكل رافعة حقيقية لتحقيق التحول الصناعي المنشود.

نحو شراكة المستقبل

بينما تستعد مصر لتكون من بين أكبر خمسة مقاصد استثمارية للصين عالميًا خلال السنوات المقبلة، تمضي بكين في ترسيخ وجودها الاقتصادي عبر مشروعات البنية التحتية والصناعات المتقدمة، لتصبح القاهرة محورًا استراتيجيًا جديدًا في خريطة “الحزام والطريق” وركيزة رئيسية في التجارة بين القارات.

 

 

نقلاً عن : تحيا مصر