التخطي إلى المحتوى

مع اقتراب نهاية شهر ديسمبر من كل عام، تدخل المنطقة العربية ما يعرف بـ “المربعانية” أو “أربعينية الشتاء”، وهي أربعون ليلة ليست كغيرها، تتحول فيها ملامح الطبيعة إلى لوحة بيضاء تتزين بالندى المتجمد، فما هي قصة هذه الأيام التي شغلت بال العرب وحساباتهم منذ القدم؟

 

نقطة الصفر

تبدأ الرحلة رسمياً بعد حدوث الانقلاب الشتوي، حيث يميل قطب الأرض بعيداً عن الشمس، ليعلن عن أقصر نهار وأطول ليل في العام، بعدها تدخل المنطقة في نفق الأربعين ليلة التي تمتاز ببرودة قاسية تنبع من باطن الأرض وهدوء الرياح في بدايتها، قبل أن تشتد العواصف لاحقاً.

 

صمت الأرض

تتميز هذه الفترة بخصائص مناخية فريدة تجعلها “سيد الفصول” قسوة، ويمكن تلخيص ملامحها في النقاط التالية:

انخفاض حاد في الحرارة، حيث تلامس درجات الحرارة الصفر المئوي في كثير من المناطق الصحراوية والمرتفعات.

سكون الرياح، في بدايتها، يسود هدوء خادع يسمح للصقيع بالتشكل على المحاصيل والأسطح.

تشتهر بأمطارها المستمرة لفترات طويلة دون رعد، وهي الأمطار التي يباركها المزارعون لكونها تروي الأرض بعمق.

لم تكن الأربعينية مجرد ظاهرة جوية بالنسبة للأجداد، بل كانت “مقياساً للصبر”.

ارتبطت في الذاكرة الشعبية بالأمثال التي تحذر من بردها “الذي يقطع العظم”، ففي الموروث العربي، يُقال إن البرد في هذه الفترة ينقسم إلى مراحل، تبدأ بـ “برد الانصراف” (انصراف الشمس)، حيث تشتد البرودة تدريجياً لتصل ذروتها في منتصف المدة.

 

نصائح للمواجهة

مع تزايد حدة الكتلة الهوائية الباردة، ينصح الخبراء دائماً باتباع تدابير وقائية لضمان السلامة الصحية:

1- التركيز على تدفئة الأطراف والرأس، واستخدام وسائل تدفئة آمنة لتجنب مخاطر الاختناق.

2- الاعتماد على المشروبات الدافئة والأطعمة الغنية بالسعرات (كالعدس) التي تمنح الجسم حرارة داخلية.

3- يحتاج المزارعون ومربو الماشية إلى اتخاذ احتياطات خاصة لحمايتهم من موجات الصقيع.

ستظل “الأربعينية” فصلاً للقصص حول المدافئ، واختباراً لقوة التحمل، ورغم قسوتها، فهي المحرك الأساسي لدورة الحياة الزراعية، حيث ترتوي الأرض بعمق لتستعد لولادة الربيع.

نقلاً عن : اليوم السابع