التخطي إلى المحتوى

أرست المحكمة الإدارية العليا مبدأً قضائيًا مهمًا، وذلك بمناسبة الأحكام التي أصدرتها مؤخرًا في عدد من طعون الانتخابات، والتي انتهت في بعضها إلى إلغاء نتائج بعض الدوائر وإعادة الانتخابات من جديد، بسبب مخالفات شابت إجراءات الفرز والتجميع.

وأكدت المحكمة أن الأصل العام في الإثبات يتمثل في أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، مشددة على أن الخروج على هذا الأصل لا يكون إلا في حالات استثنائية محددة.

وأوضحت المحكمة أن المشرّع ألزم اللجان العامة عند مباشرة أعمال الفرز، بتحرير محاضر فرز تفصيلية تتضمن بيان الإجراءات التي تمت، وكافة الاعتراضات التي يبديها وكلاء المرشحين على صحة إجراءات الاقتراع أو الفرز، بما يضمن الشفافية وسلامة العملية الانتخابية.

كما أوجب القانون تحرير كشوف رسمية تتضمن أعداد الناخبين المقيدين بكل لجنة، وعدد من أدلوا بأصواتهم، والأصوات الصحيحة والباطلة، وعدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح أو قائمة، مع تسليم نسخة منها لكل مرشح أو وكيله متى طلب ذلك، بما يتيح لهم تهيئة الدليل اللازم لإثبات أي مخالفات يدّعون وقوعها عند الطعن على النتائج.

وأضافت المحكمة أن قضاءها استقر على أن تحميل جهة الإدارة عبء الإثبات بدلًا من المدعي لا يكون إلا إذا كانت المستندات والأوراق اللازمة للفصل في النزاع تحت يد الإدارة وحدها، ولا يستطيع المدعي الحصول عليها من مصدر آخر.

وفي هذه الحالة، يلتزم على عاتق الجهة الإدارية واجب قانوني يتمثل في الرد على الدعوى وتقديم المستندات التي بحوزتها، تمكينًا للمحكمة من إظهار الحقيقة وتحقيق العدالة.

وأكدت الإدارية العليا أن هذه القرينة الاستثنائية لا تعدو أن تكون بديلًا مؤقتًا عن الأصل العام القاضي بأن «البينة على من ادعى»، وقد أخذ بها قضاء مجلس الدولة منعًا لتعطيل الفصل في الدعوى الإدارية بسبب نكول الإدارة عن تقديم المستندات التي تحتفظ بها.

واختتمت المحكمة حيثياتها بالتأكيد على أن امتناع جهة الإدارة عن تقديم المستندات قد يكشف عن أحد أمرين:
إما افتقار قراراتها لأي سند قانوني يضفي عليها المشروعية، أو سوء القصد في حجب ما من شأنه إظهار الحقيقة وإعلاء سيادة القانون.

نقلاً عن : اليوم السابع