أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الدولة المصرية تستهدف زيادة نصيب استثمارات القطاع الخاص إلى 66% من إجمالي الاستثمارات بحلول عام 2030، إلى جانب رفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 82%، وذلك في إطار استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز النمو المستدام.
وأوضحت الوزيرة أن الحكومة تعمل على حوكمة الاستثمارات العامة بما يضمن إعادة توجيه رأس المال العام نحو القطاعات ذات الأولوية مثل الصحة والتعليم، مع إتاحة حيز مالي أكبر لتحفيز استثمارات القطاع الخاص، في ضوء توجيهات القيادة السياسية الرامية إلى تمكينه ليكون المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي خلال المرحلة المقبلة.
توسيع مشاركة القطاع الخاص عبر أدوات تمويل مبتكرة
وخلال مشاركتها في الدورة الثانية من “منتدى القاهرة” الذي ينظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أشارت الوزيرة إلى أن مصر تتبنى مجموعة من الأدوات المبتكرة لتوسيع مشاركة القطاع الخاص وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستثمار، بالتعاون مع مؤسسات التمويل التنموي الدولية.
ومن بين هذه الأدوات:
منصة الضمانات الموحدة للبنك الدولي، التي توفر غطاءً تمويليًا للمشروعات المشتركة.
آلية ضمانات الاستثمار مع الاتحاد الأوروبي، لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
آلية تحفيز مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص، التي أطلقت بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية.
وأوضحت المشاط أن هذه الآليات تهدف إلى تحفيز رؤوس الأموال الخاصة على الدخول في المشروعات الوطنية، خاصة في قطاعات البنية التحتية والطاقة المتجددة والتنمية البشرية.
تراجع التمويلات التنموية وتحديات الدول النامية
لفتت وزيرة التخطيط إلى أن العالم يشهد واقعًا اقتصاديًا جديدًا يتسم بتراجع التمويلات التنموية الموجهة للدول النامية ومتوسطة الدخل، نتيجة الصدمات الاقتصادية والجيوسياسية المتلاحقة وارتفاع تكلفة الاقتراض العالمي.
وقالت إن هذا التراجع يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود التنمية، مما يستدعي إعادة التفكير في هيكلة التمويل الدولي وتوجيه الموارد نحو دعم استثمارات القطاع الخاص، بوصفها المحرك الأكثر قدرة على خلق فرص العمل وتحفيز النمو المستدام.
وأكدت أن الشراكات بين الحكومات ومؤسسات التمويل التنموي والقطاع الخاص أصبحت أداة رئيسية لحشد الموارد المالية وتنفيذ المشروعات الكبرى، داعية إلى مواءمة الأولويات الوطنية مع الأهداف العالمية للتنمية، بما يحقق التكامل بين الجهود المحلية والدولية.
التحدي الحقيقي ليس التمويل بل الكفاءة الفنية
شددت المشاط على أن التحدي الحقيقي أمام الدول النامية لا يتمثل في نقص التمويل فقط، وإنما في الحاجة إلى رفع القدرات الفنية والمؤسسية لتصميم المشروعات التنموية وإعدادها بطريقة جاذبة للاستثمارات الخاصة.
ودعت إلى الاستفادة من الخبرات الفنية لبنوك التنمية متعددة الأطراف، من أجل مساعدة الحكومات في صياغة مشروعات ذات جدوى اقتصادية عالية قادرة على استقطاب القطاع الخاص وتمويلاته.
التركيز على الاستثمارات التحفيزية والمناخية
وأكدت الوزيرة ضرورة أن تقوم مؤسسات التمويل الدولية بإعطاء الأولوية للاستثمارات التحفيزية التي تولد عوائد اقتصادية واجتماعية سريعة، مشيرة إلى أهمية دمج التكيف المناخي والقدرة على الصمود في جميع المحافظ الاستثمارية.
وأضافت أن تعزيز الاستثمارات في رأس المال البشري يمثل أحد أعمدة التنمية المستدامة، مشددة على أن استثمارات مؤسسات التمويل يجب أن تتماشى مع أولويات الدول النامية في مجالات التعليم، والصحة، والتدريب، والبحث العلمي، وأن ترتبط بآليات قياس نتائج ومخرجات واضحة لضمان تحقيق الأثر المطلوب.
آليات مبتكرة لمبادلة الديون وتنمية القطاعات الحيوية
وتطرقت وزيرة التخطيط إلى تجربة مصر في آلية مبادلة الديون مع عدد من الدول، مؤكدة أن مبادلات الديون مع ألمانيا وإيطاليا أسهمت في تمويل مشروعات تنموية متعددة في مجالات التنمية الريفية، والتعليم، والأمن الغذائي، وخلق فرص العمل.
وأضافت أن مصر أطلقت مؤخرًا أول برنامج مبادلة ديون مع الصين على مستوى العالم، في خطوة تعكس ثقة الشركاء الدوليين في الاقتصاد المصري وقدرته على تحويل الالتزامات المالية إلى أدوات دعم تنموي مستدام.
رؤية مصر 2030: نحو اقتصاد يقوده القطاع الخاص
اختتمت الدكتورة رانيا المشاط تصريحاتها بالتأكيد على أن استراتيجية التنمية المستدامة “رؤية مصر 2030” تضع القطاع الخاص في قلب العملية الاقتصادية، ليقود جهود النمو والتشغيل والابتكار.
وأكدت أن الحكومة تعمل على إصلاح بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بهدف تحقيق نمو اقتصادي شامل ومستدام يضمن العدالة الاجتماعية ويحسن جودة حياة المواطنين.
وقالت إن تمكين القطاع الخاص ليس خيارًا بل ضرورة وطنية لتحقيق طموحات الدولة المصرية في التنمية والتحول إلى اقتصاد إنتاجي تنافسي قادر على مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
نقلاً عن : تحيا مصر
