تُعد «المكملات الغذائية» من أكثر المنتجات التي انتشرت في السنوات الأخيرة بين الشباب والرياضيين، إذ يسعى الكثيرون للحصول على جسم مثالي وعضلات بارزة في وقت قصير، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل «المكملات الغذائية» تساعد حقًا في بناء العضلات أم أنها قد تكون سببًا في تدمير صحة الإنسان، هذا التساؤل لم يعد مقتصرًا على الرياضيين فقط بل أصبح يشغل اهتمام الأطباء وخبراء التغذية الذين يحذرون من الاستخدام العشوائي لتلك المكملات التي قد تحتوي على مكونات غير آمنة، مما يجعلها سلاحًا ذا حدين.
أنواع المكملات الغذائية واستخداماتها
تتنوع «المكملات الغذائية» بين البروتينات والأحماض الأمينية والفيتامينات والمعادن، ولكل نوع منها وظيفة محددة في دعم الجسم أو تحسين الأداء الرياضي، فالبروتينات تساعد على «نمو العضلات» وإصلاح الأنسجة بعد التمارين المكثفة، بينما تساهم الفيتامينات في تعزيز المناعة ودعم وظائف الجسم الحيوية، كما أن هناك أنواعًا مخصصة لزيادة الوزن وأخرى لحرق الدهون، إلا أن الخطورة تكمن في أن كثيرًا من المستخدمين لا يدركون الفروق الدقيقة بين هذه الأنواع، فيلجأون لتناولها بجرعات كبيرة اعتقادًا منهم أن الكثرة تعني نتائج أسرع، غير أن «المكملات الغذائية» ليست مجرد مواد آمنة كما يتصور البعض، بل قد تكون سببًا في أضرار جسيمة إذا لم تُستخدم تحت إشراف طبي.
الجانب العلمي وراء المكملات الغذائية
من الناحية العلمية، تعمل «المكملات الغذائية» على تعويض النقص في العناصر التي يحتاجها الجسم عندما لا يتمكن الفرد من الحصول عليها من خلال الغذاء الطبيعي، فعلى سبيل المثال يحتاج الرياضيون الذين يمارسون تدريبات مكثفة إلى كميات أكبر من البروتين والكربوهيدرات مقارنة بالشخص العادي، ولذلك قد تساعد المكملات في تحسين الأداء البدني وزيادة الكتلة العضلية، ومع ذلك فإن تناولها دون توازن أو دون وجود حاجة حقيقية قد يؤدي إلى نتائج عكسية مثل إرهاق الكبد والكلى، لأن هذه الأعضاء تضطر إلى معالجة كميات زائدة من المواد البروتينية أو الكيميائية الموجودة في تلك المنتجات، ولهذا يشدد الخبراء على ضرورة تقييم الحالة الصحية أولًا قبل اللجوء إلى أي نوع من المكملات.
أضرار المكملات الغذائية على المدى الطويل
استخدام «المكملات الغذائية» بشكل مفرط أو دون إشراف قد يسبب آثارًا سلبية تتجاوز الجهاز الهضمي إلى أجهزة أخرى في الجسم، فبعض المكملات التي تحتوي على الستيرويدات أو الهرمونات الاصطناعية يمكن أن تؤدي إلى اضطرابات هرمونية خطيرة، كما قد تسبب مشكلات في الكبد وارتفاع ضغط الدم وتساقط الشعر، بل إن بعض الدراسات الحديثة ربطت بين الاستخدام المفرط للمكملات وبين زيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب، ويشير الأطباء إلى أن الجسم عندما يتلقى كميات كبيرة من العناصر الغذائية المصنعة يفقد قدرته الطبيعية على امتصاص العناصر من الطعام الطبيعي، مما يخلق نوعًا من الاعتماد المستمر على المكملات.
نصائح الخبراء لاستخدام المكملات الغذائية بأمان
يوصي خبراء التغذية والرياضيون المحترفون بضرورة استخدام «المكملات الغذائية» وفق معايير دقيقة، تبدأ من استشارة الطبيب أو أخصائي التغذية الذي يحدد نوع المكمل المناسب والجرعة المطلوبة، كما يجب التأكد من مصدر المنتج وجودته والتأكد من أنه معتمد من الجهات الصحية الرسمية، وينصح الخبراء أيضًا بضرورة اتباع نظام غذائي متوازن يحتوي على البروتين الطبيعي من مصادر مثل البيض والدجاج والأسماك والحبوب الكاملة، مع الاهتمام بتناول الخضروات والفواكه الغنية بالفيتامينات، لأن «المكملات الغذائية» ليست بديلًا عن الطعام الطبيعي بل مكملًا له، ومن الخطأ الاعتماد عليها بشكل كامل لتلبية احتياجات الجسم.
الإعلانات التجارية وتأثيرها على الشباب
تلعب الإعلانات التجارية دورًا كبيرًا في ترويج «المكملات الغذائية»، حيث تُعرض صور لأجسام مثالية وعضلات ضخمة مصحوبة بوعود بالحصول على نتائج مذهلة خلال أسابيع قليلة، ما يدفع الكثير من الشباب إلى شراء تلك المنتجات دون وعي كافٍ بمخاطرها، ويؤكد الخبراء أن هذه الحملات الدعائية تستغل رغبة الشباب في الوصول إلى الشكل المثالي بسرعة، لكنها تغفل حقيقة أن بناء العضلات عملية تحتاج إلى وقت وصبر ونظام غذائي متكامل، وأن الاعتماد على المكملات دون ممارسة التمارين الصحيحة أو النوم الكافي لن يؤدي إلى النتيجة المطلوبة، بل قد يؤدي إلى «أضرار صحية غير متوقعة».
المكملات الغذائية ليست للجميع
ليس كل شخص يحتاج إلى تناول «المكملات الغذائية»، فالأشخاص الذين يتبعون نظامًا غذائيًا صحيًا ومتوازنًا غالبًا لا يحتاجون إليها، إلا في حال وجود نقص واضح في أحد العناصر الغذائية، كما أن بعض الفئات مثل الحوامل أو مرضى القلب أو الكبد يجب عليهم تجنب استخدام المكملات دون استشارة الطبيب، لأن أجسامهم أكثر حساسية تجاه المكونات الكيميائية، لذلك فإن «المكملات الغذائية» يجب أن تُستخدم فقط عند الضرورة وتحت متابعة طبية دقيقة.
«المكملات الغذائية» يمكن أن تكون وسيلة فعالة لدعم الجسم وتحسين الأداء الرياضي إذا استُخدمت بطريقة صحيحة، لكنها قد تتحول إلى مصدر خطر إذا تم تناولها بإفراط أو دون إشراف، فالاعتدال هو الأساس، والحل الأمثل لبناء العضلات والحفاظ على الصحة يكمن في تناول الغذاء المتوازن وممارسة الرياضة المنتظمة والالتزام بعادات صحية سليمة، فالجسم القوي لا يُبنى فقط عبر المكملات بل عبر الوعي والاهتمام المستمر بالصحة العامة.
نقلاً عن : القارئ نيوز
