تحوّلت ألعاب الفيديو من وسيلة تسلية بريئة إلى مصدر خطر خفي يزرع سلوكيات عدوانية داخل عقول الأطفال والمراهقين، حيث كشفت دراسات صادرة عن جامعة ستانفورد ومراكز أبحاث السلوك الرقمي أكدت أن التعرّض المتكرر لمشاهد القتل والدماء في الألعاب يجعل الطفل أقل حساسية تجاه العنف في الواقع، ولعل بعض التقارير الأخيرة اشارت إلى أن طفل الاسماعيلية المتهم بقتل صديقه شاهد “محتوى عنف” في “أحد الأفلام والألعاب الإلكترونية” قبل الحادث، وأن تلك المشاهد أثرت على طريقة تنفيذ الجريمة، وفيما يلى نعرض مجموعة من الألعاب التى تقدم محتوى يمكن وصفه بالعنيف، والذى من الممكن أن يؤثر على شخصية ونفسية الطفل
لعبة Grand Theft Auto V (GTA V)
تُعد واحدة من أنجح ألعاب الفيديو على الإطلاق، لكنها أيضًا من أكثرها إثارة للجدل لما تحتويه من مشاهد عنف مفرط وسلوكيات غير أخلاقية، وتدور فكرة اللعبة حول عالم مفتوح يمنح اللاعب حرية مطلقة في ارتكاب الجرائم: من سرقة السيارات إلى إطلاق النار على المدنيين ومهاجمة رجال الشرطة، وكل ذلك في بيئة مليئة بالإثارة والمؤثرات البصرية القوية التي تجعل التجربة واقعية بدرجة مقلقة.
المشكلة الحقيقية أن اللعبة تُحوّل الجريمة إلى شكل من أشكال التسلية، فتُكافئ اللاعب كلما ارتكب مزيدًا من أعمال العنف، مما يرسّخ في ذهن المراهقين أن القوة والسيطرة يمكن تحقيقهما من خلال التدمير والتجاوز على القوانين، ومع الوقت، يتبلّد إحساس اللاعب بخطورة ما يفعله، خصوصًا عندما يتعرّض لهذه التجارب الافتراضية يوميًا ولساعات طويلة، ورغم أن اللعبة تحمل تصنيفًا عمريًا (+18) يحظر ممارستها للأطفال والمراهقين، إلا أنها متاحة بسهولة على الإنترنت ومنصات الألعاب دون أي رقابة فعلية من الأهل أو الجهات المختصة، ما يجعلها واحدة من أخطر الألعاب التي تُؤثر على السلوك القيمي والاجتماعي للنشء.
لعبة Call of Duty
تُقدّم اللعبة تجربة حربية مثيرة، لكنها تزرع مفاهيم العنف والانتقام والقتل كوسيلة لحل النزاعات، الدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يمارسون ألعاب التصويب من المنظور الأول (FPS) لفترات طويلة يُظهرون ارتفاعًا في معدلات السلوك العدواني والانفعال السريع.
وتقدم اللعبة معارك واقعية بتفاصيل مذهلة، حيث يخوض اللاعب مهمات عسكرية يُطلب فيها قتل الخصوم بلا تردد، وسط أصوات إطلاق نار وانفجارات ومشاهد دامية تجعل التجربة شديدة التأثير نفسيًا، ورغم أن الهدف المعلن منها هو “المنافسة والتحدي”، إلا أن تكرار التعرض لمشاهد القتل الدموية يجعل المراهق أكثر تقبّلًا لفكرة العنف كوسيلة طبيعية لتحقيق الانتصار أو إثبات الذات. بعض الدراسات النفسية أشارت إلى أن اللاعبين الدائمين لألعاب التصويب من المنظور الأول (First Person Shooter) يُظهرون ردود أفعال أكثر عدوانية في الحياة الواقعية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التوتر والاندفاع عند مواجهة أي خلاف أو استفزاز.
لعبة PUBG Mobile
منذ إطلاقها عام 2017، حققت PUBG Mobile انتشارًا هائلًا بين المراهقين في العالم العربي، بفضل بساطة فكرتها القائمة على “البقاء للأقوى” وإمكانية اللعب الجماعي مع الأصدقاء، لكن خلف هذا الشكل الترفيهي، تكمن واحدة من أكثر التجارب التي تُشجع على العنف بشكل مباشر.
ففي كل جولة من اللعبة، يُجبر اللاعب على قتل العشرات من المنافسين من أجل النجاة، ويُكافأ في النهاية كلما كان أكثر دموية، ومع الوقت، يُصبح القتل ليس مجرد وسيلة للنجاة، بل رمزًا للفوز والتفوّق. الأخطر أن اللعبة تُحوّل العنف إلى عادة يومية، إذ يقضي بعض المراهقين ساعات طويلة يوميًا في ممارستها، ما يؤدي إلى تبلّد المشاعر وتراجع القدرة على التعاطف مع الألم أو الخسارة.
تقارير طبية ونفسية حديثة، منها دراسة صادرة عن جامعة أكسفورد عام 2023، حذّرت من أن الإفراط في لعب PUBG يرتبط بارتفاع مستويات العدوانية والانفعال المفاجئ، إضافة إلى اضطرابات النوم وتراجع التركيز الدراسي، ورغم التحذيرات، ما زالت اللعبة متاحة مجانًا على جميع المتاجر الإلكترونية، لتتحول إلى أحد أخطر مصادر التأثير السلبي على وعي وسلوك الجيل الصغير.
نقلاً عن : اليوم السابع