التخطي إلى المحتوى

قالت صحيفة لاراثون الإسبانية إن الحديث عن إقالة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لا يزال مطروحا بقوة فى المشهد السياسى، وذلك رغم تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو، وفى ظل تصاعد حدة الانقسامات داخل البرلمان، واتهامات موجهة لليسار واليمين المتطرف بالتواطؤ لحماية الرئيس من السقوط.

 

وأشارت الصحيفة إلى أنه فى 16 أكتوبر ، نجا رئيس الوزراء لوكورنو من تصويت بحجب الثقة قدمته حركة فرنسا الأبية (La France Insoumise)، بعد امتناع الحزب الاشتراكي عن التصويت ضد الحكومة، في خطوة اعتبرتها المعارضة خيانة انتخابية واتفاقاً سرياً مع قصر الإليزيه، وقد برر الحزب الاشتراكي موقفه بتأجيل إصلاح التقاعد المثير للجدل، الذي رفع سن التقاعد إلى 64 عاماً، بينما اعتبرت المعارضة أن هذا مجرد خداع سياسي لتمرير سياسة ماكرون التقشفية.

وتلك السياسات، وفقاً لتقارير اقتصادية، تشمل تخفيض إعانات السكن والمعاشات، ورفع الضرائب على ذوي الأمراض المزمنة والمتقاعدين، وهو ما أثار غضباً واسعاً داخل الشارع الفرنسي وأعاد الجدل حول مشروعية استمرار الرئيس في منصبه.

في أعقاب التصويت، أعلنت فرنسا الأبية عزمها تقديم مذكرة جديدة لعزل الرئيس، مؤكدة أن ماكرون هو المسؤول الأول عن الفوضى السياسية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد. وأشارت الحركة إلى أن الرئيس يعتمد على تحالفات ظرفية داخل البرلمان تمنع مساءلته أو محاسبته، رغم اتساع دائرة الغضب الشعبي وتراجع شعبيته إلى أدنى مستوياتها منذ بداية ولايته الثانية.

 

لكن المعارضة اليسارية ليست وحدها في مواجهة ماكرون. فقبل أيام، ساهمت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان في منع مناقشة مذكرة سابقة لعزل الرئيس، وهو ما دفع وسائل إعلام فرنسية إلى الحديث عن تحالف غير معلن بين التطرفين اليميني والوسطي لإنقاذ ماكرون من السقوط.

وتتهم حركة فرنسا الأبية حزب التجمع الوطني بعرقلة جميع محاولات المعارضة للإطاحة بالحكومة، مشيرة إلى أنه منع التصويت على أكثر من 25 مذكرة حجب ثقة خلال العامين الأخيرين. السبب، بحسب نواب اليسار، هو أن لوبان غير قادرة حالياً على الترشح في انتخابات رئاسية مبكرة بسبب قضايا مالية معلقة أمام البرلمان الأوروبي.

ورغم هذا التواطؤ البرلماني، يرى محللون أن رحيل ماكرون قبل عام 2027 لا يزال احتمالاً قائماً، خصوصاً مع تصاعد الخلافات داخل معسكره،  فقد دعا رئيس الوزراء الأسبق إدوار فيليب مؤخراً إلى رحيل مبكر للرئيس، بينما وجه وزير التعليم السابق جابرييل أتال انتقادات علنية لماكرون على شاشة التلفزيون، قائلاً إنه لم يعد يفهم قراراته.

وتؤكد المعارضة أن المادة 68 من الدستور الفرنسي تمنح البرلمان حق عزل الرئيس إذا ارتكب إخلالاً واضحاً بواجباته بما لا يتوافق مع ممارسة مهامه ، وهي مادة ذات طبيعة سياسية، لا قضائية، مما يجعل قرار العزل رهناً بإرادة النواب لا المحاكم.

ويرى مراقبون أن هذا النص الدستوري قد يشكل المخرج القانوني الوحيد في حال تفاقم الأزمة، خصوصاً مع اتساع رقعة الاحتجاجات على سياسات التقشف وتراجع مستوى المعيشة في فرنسا.
في المقابل، يصر أنصار ماكرون على أن الحديث عن عزله مبالغ فيه ويهدف إلى إشعال الصراع السياسي قبل الانتخابات الأوروبية المقبلة، مشيرين إلى أن الرئيس لا يزال يحظى بدعم كافٍ داخل البرلمان لتجاوز محاولات المعارضة.

 

لكن في ظل الغضب الشعبي، والاضطرابات النقابية، وتراجع ثقة الفرنسيين في مؤسساتهم، تبدو احتمالات الإطاحة السياسية بماكرون أكثر واقعية من أي وقت مضى. فالمعارضة باتت أكثر تنظيماً، ومعسكر الرئيس أكثر انقساماً، والشارع الفرنسي أكثر استعداداً للمطالبة بالتغيير.
 

نقلاً عن : اليوم السابع