التخطي إلى المحتوى

يُعد «عرق النساء» من أكثر المشكلات العصبية شيوعًا التي تصيب الإنسان وتسبب آلامًا شديدة تمتد من أسفل الظهر مرورًا بالفخذ وحتى الساق، ويُطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى العصب الوركي الذي يُعرف في اللغة القديمة باسم عرق النساء، وهو أطول عصب في الجسم يبدأ من أسفل العمود الفقري ويمتد حتى القدم، وعندما يتعرض هذا العصب للضغط أو الالتهاب تظهر آلام مبرحة تُعيق الحركة وتؤثر على الحياة اليومية بشكل كبير، ويُصاب به كل من الرجال والنساء رغم أن الاسم يوحي بارتباطه بالنساء فقط.

أسباب الإصابة بعرق النساء

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بـ«عرق النساء» ولكن أبرزها هو الضغط الناتج عن انزلاق الغضروف بين فقرات العمود الفقري، حيث يضغط الغضروف المنزلق على العصب الوركي فيسبب ألمًا يمتد على طول الساق، كما يمكن أن تكون الأسباب ناتجة عن التهابات أو إصابات مباشرة في منطقة الظهر، أو بسبب الجلوس لفترات طويلة بطريقة غير صحيحة، إضافة إلى زيادة الوزن التي تمثل عامل ضغط كبير على الفقرات السفلية، كما أن «عرق النساء» قد يظهر نتيجة لمشكلات في المفصل الحرقفي أو العضلات المحيطة به، وكل هذه العوامل تجعل المريض يشعر بآلام متفاوتة الشدة بحسب الحالة.

أعراض عرق النساء وكيفية التعرف عليه

تبدأ أعراض «عرق النساء» عادة بآلام أسفل الظهر تمتد تدريجيًا إلى الساق وقد تصل إلى القدم، ويشعر المريض بوخز أو خدر في بعض الأحيان، كما يصف البعض الألم بأنه يشبه «صعقة كهربائية» تمتد من الظهر إلى القدم، وقد تزداد الأعراض عند الجلوس أو السعال أو الوقوف لفترة طويلة، وفي الحالات المتقدمة قد يعاني المريض من ضعف في العضلات وصعوبة في المشي، ومن المهم التفرقة بين «عرق النساء» وآلام الظهر العادية، لأن الألم الناتج عن هذا العصب يتميز بكونه يمتد في مسار محدد على طول الساق وليس موضعيًا فقط في الظهر.

تشخيص عرق النساء بدقة

يعتمد تشخيص «عرق النساء» على الفحص السريري الدقيق من قبل الطبيب المتخصص في أمراض العظام أو الأعصاب، حيث يقوم الطبيب بإجراء اختبارات للحركة والتحسس لتحديد مدى تأثر العصب الوركي، وفي بعض الحالات قد يتم طلب أشعة رنين مغناطيسي لتحديد موضع الانزلاق الغضروفي أو الالتهاب، كما يمكن استخدام الأشعة المقطعية أو الفحوص العصبية لتأكيد التشخيص، ويُعتبر التشخيص الدقيق هو الخطوة الأولى للعلاج الناجح لأن بعض الحالات التي تشبه «عرق النساء» قد تكون بسبب أمراض أخرى مثل التهابات المفاصل أو تضيق القناة العصبية.

طرق علاج عرق النساء

تتنوع طرق علاج «عرق النساء» بين العلاج الدوائي والعلاج الطبيعي والجراحة في الحالات الشديدة، ففي البداية يُفضل الأطباء استخدام الأدوية المضادة للالتهاب والمسكنات لتخفيف الألم، مع الاعتماد على جلسات العلاج الطبيعي التي تساعد على تقوية عضلات الظهر والبطن وتحسين مرونة الفقرات، كما يُنصح المريض بتجنب الجلوس الطويل والنوم على سطح مريح واستخدام الكمادات الباردة أو الساخنة حسب الحالة، أما إذا استمر الألم لفترة طويلة أو كانت هناك أعراض عصبية حادة كفقدان الإحساس أو الضعف الشديد فقد يُوصى بالتدخل الجراحي لإزالة الضغط عن العصب الوركي، ومع ذلك تبقى الجراحة آخر الحلول بعد فشل الوسائل الأخرى.

العلاج الطبيعي ودوره في تخفيف الألم

يلعب العلاج الطبيعي دورًا محوريًا في تخفيف أعراض «عرق النساء» من خلال مجموعة من التمارين الموجهة التي تهدف إلى تقوية العضلات وتحسين وضعية الجسم، ويؤكد الأطباء أن الانتظام في ممارسة هذه التمارين يساعد في تسريع التعافي وتقليل فرص تكرار الإصابة، كما أن جلسات العلاج الطبيعي تشمل التدليك والعلاج الكهربائي وتمارين الإطالة التي تخفف من التشنجات العضلية، ويُنصح المريض بالالتزام بالبرنامج العلاجي الموصى به وعدم التوقف عنه فور اختفاء الألم لأن «الوقاية» أهم من العلاج.

الوقاية من عرق النساء

الوقاية من «عرق النساء» تبدأ من الاهتمام بنمط الحياة اليومي، فالمحافظة على وزن صحي وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب الجلوس أو الوقوف لفترات طويلة كلها عوامل تقلل من احتمالية الإصابة، كما يُنصح باختيار الكراسي التي تدعم أسفل الظهر بشكل صحيح واستخدام مراتب مريحة أثناء النوم، ومن المفيد أيضًا تعلم طرق الرفع الصحيحة للأشياء الثقيلة بحيث يُستخدم الركبتان بدلًا من الظهر لتجنب الضغط على الفقرات، بالإضافة إلى تناول غذاء متوازن غني بالكالسيوم وفيتامين د اللذين يعززان صحة العظام والعضلات، وبذلك يمكن تقليل فرص الإصابة بـ«عرق النساء» والحفاظ على صحة العمود الفقري.

الأعشاب والعلاجات الطبيعية

يلجأ بعض الأشخاص إلى العلاجات الطبيعية لعلاج «عرق النساء» مثل استخدام الزيوت الدافئة كزيت الزيتون وزيت النعناع للتدليك الموضعي، أو تناول مشروبات عشبية تساعد على تهدئة الالتهاب مثل الكركم والزنجبيل، ورغم أن هذه الطرق قد توفر راحة مؤقتة، إلا أن الخبراء يشددون على ضرورة عدم الاعتماد عليها وحدها دون استشارة الطبيب، لأن «عرق النساء» قد يكون علامة على مشكلة أعمق تحتاج إلى علاج طبي متخصص.

«عرق النساء» ليس مجرد ألم عابر في الظهر أو الساق، بل هو عرض لمشكلة عصبية تحتاج إلى اهتمام ورعاية طبية، ويجب التعامل معه بجدية خاصة إذا تكرر الألم أو زادت حدته، فالعلاج المبكر والالتزام بالنصائح الوقائية يمكن أن يمنع تطور الحالة ويحافظ على صحة العمود الفقري، لذلك فإن الوعي بأسباب «عرق النساء» وأعراضه وطرق التعامل معه يعد الخطوة الأولى نحو حياة خالية من الألم وحركة أكثر راحة.

نقلاً عن : القارئ نيوز