التهاب المفاصل الروماتويدي من هم الأكثر عرضة فعليًا للإصابة بهذا المرض المزمن الذي يشغل كثيرين في مختلف المراحل العمرية، وما العوامل المخفية التي قد تجعل بعض الأشخاص أكثر قابلية للإصابة مقارنة بغيرهم، سؤال يتكرر في ظل ازدياد الوعي الصحي والبحث عن سبل الوقاية من الأمراض المناعية التي تؤثر مباشرة على «حركة الجسم» و«قدرة الإنسان» على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي، ويعد التهاب المفاصل الروماتويدي أحد أبرز هذه الأمراض التي تستدعي فهمًا دقيقًا للعوامل المرتبطة بها.
طبيعة التهاب المفاصل الروماتويدي وتأثيره على صحة الإنسان
يُعد التهاب المفاصل الروماتويدي أحد أمراض المناعة الذاتية التي يحدث فيها خلل يجعل الجهاز المناعي يهاجم أنسجة الجسم بدلًا من حمايتها، ويتركز هذا الهجوم على الغشاء المبطن للمفاصل مما يؤدي إلى التهاب شديد وتورم وألم قد يتطور مع الوقت إلى تآكل المفاصل وتشوه شكلها، ولذلك فإن التهاب المفاصل الروماتويدي ليس مجرد ألم عابر بل حالة مزمنة تحتاج إلى وعي مبكر بالعوامل المؤثرة فيها، فالمرض قد يبدأ بأعراض بسيطة ولكن تطوره قد يؤثر في «حركة المفاصل» و«جودة الحياة» بشكل كبير.
وتشير الدراسات الطبية إلى أن التهاب المفاصل الروماتويدي قد يصيب أي شخص ولكن بعض الفئات تكون أكثر عرضة من غيرها، مما يجعل معرفة هذه الفئات أمرًا بالغ الأهمية للوقاية أو التدخل المبكر، خاصة أن هذا المرض قد يؤثر على «مفاصل اليدين» و«الركبتين» و«الكاحلين» وغيرها من المناطق التي تتحكم في الحركة اليومية.
العوامل الوراثية ودورها في زيادة خطر الإصابة
تلعب الوراثة دورًا مهمًا في جعل بعض الأشخاص أكثر عرضة لالتهاب المفاصل الروماتويدي مقارنة بغيرهم، حيث أثبتت الأبحاث أن وجود تاريخ عائلي للإصابة يزيد احتمالية الإصابة بشكل ملحوظ، إذ إن بعض الجينات ترتبط بشكل مباشر بحدوث خلل مناعي يؤدي إلى مهاجمة أنسجة المفاصل، وهذه الحقيقة توضح لماذا نجد أن التهاب المفاصل الروماتويدي قد ينتشر في بعض العائلات دون غيرها، لذلك فإن الوعي بتاريخ الأسرة الصحي يعد من أهم الخطوات التي تساعد في الانتباه المبكر لأي أعراض قد تشير إلى وجود المشكلة.
كما أن الأشخاص الذين يحملون بعض الجينات المرتبطة بالمناعة يكونون أكثر حساسية للظروف البيئية التي قد تثير نشاط المرض، وهو ما يجعل اجتماع العامل الوراثي مع العوامل الخارجية سببًا رئيسيًا في ظهور التهاب المفاصل الروماتويدي عند البعض.
التأثير الكبير للعوامل الهرمونية والجنس
تؤكد الإحصاءات الطبية أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي مقارنة بالرجال، ويرجع ذلك إلى تأثير الهرمونات على جهاز المناعة، فالتغيرات الهرمونية خلال الحمل والولادة وانقطاع الطمث يمكن أن تلعب دورًا في تنشيط أو تهدئة النشاط المناعي، وهذه التغيرات قد تجعل المرأة أكثر عرضة من الرجل بنسبة ملحوظة، ولذلك يُنظر إلى «الهرمونات الأنثوية» باعتبارها أحد العوامل المهمة المرتبطة بزيادة خطر الإصابة.
وتشير التقارير إلى أن النساء قد يشعرن بأعراض التهاب المفاصل الروماتويدي في مراحل عمرية مختلفة خاصة في الفترات التي تشهد اضطرابًا هرمونيًا، مما يستدعي وعيًا أكبر بمتابعة الصحة المفصلية لدى النساء.
التدخين وعلاقته المباشرة بالمرض
يُعد التدخين أحد أقوى العوامل البيئية التي تزيد فرص الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، فالمواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر تسبب نشاطًا مناعيًا غير طبيعي يؤدي إلى تهيج المفاصل ورفع مستوى الالتهاب داخل الجسم، وقد أثبتت الدراسات أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة مقارنة بغير المدخنين بنسبة قد تصل إلى الضعف، كما أن استمرار التدخين بعد الإصابة يزيد من سوء الأعراض ويجعل المرض أكثر شراسة.
كما أن التعرض للتدخين السلبي قد يزيد الخطورة أيضًا، مما يعني أن الأشخاص الذين يعيشون في بيئة مليئة بالدخان قد يكونون عرضة أكثر مما يتوقعون.
الوزن الزائد وتأثيره على التهاب المفاصل
يُعد الوزن الزائد عاملًا مهمًا من عوامل زيادة خطر التهاب المفاصل الروماتويدي، إذ إن الدهون الزائدة في الجسم تفرز مواد تسبب الالتهاب، وهذه المواد قد تشجع على حدوث نشاط مناعي غير طبيعي يؤدي إلى التهاب المفاصل، كما أن زيادة الوزن تسبب ضغطًا إضافيًا على المفاصل خاصة مفاصل الركبتين والكاحلين مما يزيد الألم ويضاعف التأثير السلبي للمرض.
ويساعد الحفاظ على وزن صحي في تقليل فرص الإصابة وتخفيف الأعراض لدى من يعانون من المرض بالفعل، ولذلك يشدد الأطباء على أهمية «النظام الغذائي المتوازن» و«ممارسة الرياضة المناسبة» كجزء من الوقاية والعلاج.
العمر ونمط الحياة وتأثيرهما على فرص الإصابة
يظهر التهاب المفاصل الروماتويدي غالبًا بين سن الثلاثين والخمسين، ولكن هذا لا يعني أنه لا يصيب من هم أصغر أو أكبر، إذ قد يظهر في أي عمر حتى لدى الأطفال، ولكن الفئة الأكثر عرضة فعليًا هم البالغون في منتصف العمر، كما أن نمط الحياة مثل قلة الحركة والجلوس لفترات طويلة قد يساهم في زيادة فرص زيادة التهابات المفاصل، وعلى الرغم من أن المرض مناعي في الأساس إلا أن نمط الحياة قد يساعد إما في الوقاية أو في تحفيز ظهوره.
كما أن الضغوط النفسية المستمرة قد تلعب دورًا في تنشيط الالتهابات داخل الجسم مما يجعل بعض الأشخاص أكثر عرضة، ولذلك فإن الاهتمام بالصحة النفسية يعد جزءًا من الوقاية من التهاب المفاصل الروماتويدي.
معرفة من هم الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي يساعد بشكل كبير في اتخاذ خطوات وقائية مبكرة، فوجود عوامل مثل الوراثة والتدخين والوزن الزائد والاختلالات الهرمونية قد يجعل البعض أكثر قابلية للإصابة بالمرض، ومع فهم هذه العوامل يصبح من السهل متابعة أي تغيرات في المفاصل والتوجه إلى الطبيب عند ظهور أي أعراض.
نقلاً عن : القارئ نيوز
