التخطي إلى المحتوى

شهدت السنوات الأخيرة انتشارًا واسعًا لتطبيقات تتبع السعرات الحرارية، فى ظل سعى متزايد من الأفراد إلى تبنى أنماط حياة صحية وفهم مكونات وجباتهم بدقة، ولم تعد هذه التطبيقات مجرد أدوات مساعدة، بل أصبحت شريكًا يوميًا لملايين المستخدمين حول العالم، فى رحلتهم نحو تحقيق التوازن بين الأكل والنشاط البدنى.

أكثر من 320 مليون شخص استخدموا تطبيقات الصحة فى 2024

تُعد تطبيقات مثل MyFitnessPal وLose It! وLifesum وCronometer من أبرز المنصات التي غيّرت طريقة تعامل الناس مع الغذاء والرياضة.
فعلى سبيل المثال، كان لدى تطبيق MyFitnessPal نحو 50 مليون مستخدم مسجل في عام 2015، وقفز العدد إلى أكثر من 220 مليونًا بحلول عام 2024.

ووفقًا لتقرير صادر عن موقع Business of Apps، استخدم أكثر من 320 مليون شخص تطبيقات الصحة في عام 2024، وكان جزء كبير منهم يعتمد على تطبيقات تتبع السعرات الحرارية.

هذه التطبيقات تُسهّل عملية التغذية عبر تمكين المستخدم من تسجيل وجباته، وتتبع نشاطه الرياضي، ومزامنة بياناته مع الأجهزة القابلة للارتداء، كما تمنح المستخدم صورة موضوعية لما يستهلكه من سعرات وما يحرقه من طاقة، ما يُغني عن التخمين ويُشجع على الانضباط الذاتي.

التطبيقات الصحية تهدد خصوصيتك الرقمية

ورغم الجوانب الإيجابية، يبرز سؤال جوهرى، وهو إلى أي مدى تبقى بياناتك الصحية فى أمان؟، إذ تُعتبر بيانات الصحة من أكثر أنواع البيانات حساسية، فهي لا تُعبّر فقط عن أرقام أو عادات، بل يمكن — فى كثير من الأحيان — إعادة تحديد هوية صاحبها حتى لو كانت “مجهولة المصدر” وبمعنى آخر، ما تسجله يوميًا عن وجباتك أو تمارينك الرياضية قد يعود إليك فى حال وقع فى أيدى غير أمينة.

كيف تجمع التطبيقات بياناتك؟

عند التسجيل لأول مرة، تطلب أغلب تطبيقات تتبع السعرات الحرارية معلومات أساسية مثل العمر والطول والوزن ومستوى النشاط البدني، لكن عملية جمع البيانات الفعلية تبدأ منذ الاستخدام اليومي، إذ تُسجّل كل وجبة، أو مشروب، أو تمرين، بل وحتى ساعات النوم وعدد الخطوات وكمية المياه المستهلكة، وإذا ما ربط المستخدم تطبيقه بجهاز ذكي مثل الساعات الرياضية، تُصبح البيانات أكثر تفصيلًا ودقة، ما يُحوّل التطبيق تدريجيًا إلى يوميات رقمية كاملة لجسم المستخدم.

مخاطر أمنية لا يمكن تجاهلها من استخدام التطبيقات الصحية

تكمن المشكلة فى أن كل هذه البيانات لا تبقى على جهاز المستخدم فقط، فمعظم التطبيقات تُخزّن المعلومات على خوادم الشركات المالكة أو تُشاركها مع شركاء آخرين، وفي حال تعرّضت هذه الخوادم للاختراق، تكون العواقب وخيمة، وقد حدث ذلك فعلاً عام 2018 عندما تعرض تطبيق MyFitnessPal لاختراق ضخم كشف تفاصيل أكثر من 150 مليون حساب.

حتى في غياب الاختراق، قد تُشارك بعض التطبيقات بيانات المستخدمين مع المعلنين وجهات أخرى، ما يحول عاداتهم الغذائية إلى ملف تسويقي رقمي، لذا يخشى خبراء الخصوصية من احتمال استخدام تلك البيانات يومًا ما من قبل شركات التأمين أو أصحاب العمل لتحديد الأهلية أو التسعير بناءً على نمط حياة الأفراد.

تمنح تطبيقات تتبع السعرات الحرارية ملايين الأشخاص أدوات قوية لفهم أجسامهم وتحسين صحتهم، لكنها في المقابل تفتح بابًا واسعًا أمام تساؤلات الخصوصية والأمان الرقمى، والحل لا يكمن في التخلي عنها، بل في استخدامها بوعي ومسؤولية، مع قراءة سياسات الخصوصية بدقة، وتحديد ما يمكن مشاركته وما يجب الاحتفاظ به.

نقلاً عن : اليوم السابع