التخطي إلى المحتوى

يُعد «العمود الفقري» من أهم أجزاء الجسم التي تمنح الإنسان القدرة على الوقوف والحركة بثبات وتوازن، فهو الدعامة الأساسية التي تربط بين الرأس والجذع وتؤثر في جميع أنشطة الجسم اليومية، ومع ذلك فإن العديد من الأشخاص يعانون من مشكلات في «العمود الفقري» بسبب عوامل متعددة من أبرزها تراكم «دهون البطن» وآلام الظهر الناتجة عنها، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن زيادة الدهون في منطقة البطن لا تؤثر فقط على الشكل الخارجي بل تمتد آثارها لتصل إلى «العمود الفقري» مسببة آلامًا مزمنة ومشكلات هيكلية معقدة.

العلاقة بين دهون البطن وآلام الظهر

ترتبط «دهون البطن» ارتباطًا وثيقًا بآلام الظهر نتيجة زيادة الضغط على الفقرات القطنية المسؤولة عن دعم الجزء السفلي من «العمود الفقري»، فعندما تتراكم الدهون حول البطن والحوض يحدث خلل في توازن الجسم مما يجعل الفقرات تميل إلى الأمام بشكل غير طبيعي، وهذا الميل يسبب توترًا في العضلات الداعمة للظهر ويؤدي إلى آلام مزمنة يصعب تجاهلها، كما أن زيادة الدهون تؤدي إلى التهابات في الأنسجة المحيطة بالفقرات مما يزيد من احتمالية الإصابة بفتق الأقراص أو تضيق القناة الفقرية وهو ما يسبب ضغطًا مباشرًا على الأعصاب.

تأثير الوزن الزائد على العمود الفقري

إن الوزن الزائد وخاصة في منطقة البطن يشكل عبئًا كبيرًا على «العمود الفقري» إذ يجبر الجسم على اتخاذ وضعيات غير صحية أثناء المشي أو الجلوس أو حتى أثناء النوم، ويؤدي هذا الضغط المستمر إلى تآكل الغضاريف التي تفصل بين الفقرات، كما أن الكتلة الدهنية الكبيرة تدفع مركز ثقل الجسم نحو الأمام مما يخل بتوازن الفقرات ويجعل العضلات الخلفية تبذل مجهودًا إضافيًا للحفاظ على الوضع القائم، وهذا الجهد الزائد مع مرور الوقت يسبب التهابات مزمنة وضعفًا في البنية العضلية التي تحمي «العمود الفقري» من التلف.

نمط الحياة وتأثيره على صحة العمود الفقري

لا تتوقف مشكلات «العمود الفقري» عند تراكم الدهون فحسب، بل يمتد الأمر إلى العادات اليومية الخاطئة التي تضعف بنيته، فالجلوس لفترات طويلة أمام الشاشات دون حركة كافية، أو استخدام الهاتف في وضعية الانحناء المستمر، كلها عوامل تسهم في زيادة الضغط على الفقرات وتسبب آلامًا مستمرة، كما أن قلة النشاط البدني وضعف العضلات الأساسية في منطقة البطن والظهر يجعل «العمود الفقري» أكثر عرضة للإجهاد، لذلك فإن ممارسة الرياضة المنتظمة وتمارين الإطالة تعتبر من أهم وسائل الحفاظ على توازنه واستقامته.

الغذاء ودوره في حماية العمود الفقري

الغذاء الصحي يلعب دورًا جوهريًا في حماية «العمود الفقري» من التآكل والالتهابات، فالنظام الغذائي الغني بالكالسيوم والمغنيسيوم وفيتامين د يساهم في تقوية العظام والغضاريف، بينما الأطعمة الدهنية والمقلية والمليئة بالسكريات تزيد من الالتهابات وتسرّع من تدهور الفقرات، كما أن شرب الماء بكميات كافية يحافظ على ليونة الأقراص الفقرية ويمنع جفافها، لذا يُنصح بتناول الخضروات الورقية والأسماك الزيتية والمكسرات للحفاظ على مرونة الفقرات وصحة العضلات المحيطة بها.

النشاط البدني المنتظم

يُعد النشاط البدني المنتظم وسيلة فعالة لدعم «العمود الفقري» وتقليل تأثير دهون البطن، فالمشي اليومي لمدة نصف ساعة يساعد في تحفيز الدورة الدموية وتقوية عضلات الجذع، كما أن ممارسة تمارين البطن والظهر بطريقة معتدلة تساهم في شد العضلات ومنع تراكم الدهون في منطقة الوسط، ويجب الحرص على تجنب الحركات المفاجئة أو رفع الأوزان الثقيلة بطريقة خاطئة لأنها قد تؤدي إلى إصابات في الفقرات القطنية والعجزية، كما أن ممارسة اليوغا والتمارين التأملية تساعد في تحسين استقامة الجسم والتخفيف من آلام الظهر المزمنة.

أوضاع النوم والجلوس وتأثيرها على العمود الفقري

تُعتبر «أوضاع النوم» والجلوس من العوامل الخفية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة «العمود الفقري»، فالنوم على مراتب لينة جدًا أو قاسية للغاية يمكن أن يسبب انحناءات غير طبيعية في الظهر، كما أن الجلوس لفترات طويلة دون دعم أسفل الظهر يسبب شدًا في العضلات وتيبسًا في الفقرات، لذلك يُنصح باستخدام وسادة صغيرة أسفل الفقرات القطنية أثناء الجلوس، واختيار مرتبة متوسطة الصلابة تحافظ على الانحناء الطبيعي للعمود الفقري، والنوم على الجانب مع ثني الركبتين قليلًا لتقليل الضغط على الفقرات السفلية.

دور الوقاية والتشخيص المبكر

إن الوقاية من أمراض «العمود الفقري» تبدأ من الوعي بالعادات اليومية التي تؤثر عليه، فالفحص الدوري للظهر وإجراء الأشعة في حال الشعور بأي ألم غير معتاد يساعد في اكتشاف المشكلات مبكرًا قبل أن تتطور، كما أن الحفاظ على الوزن المثالي وتجنب السمنة المركزية حول البطن يعد من أهم العوامل التي تقي من مشاكل الفقرات، بالإضافة إلى الالتزام بالعلاج الطبيعي في حال وجود آلام مزمنة لأنه يساعد في تقوية العضلات المحيطة بالفقرات وتحسين مرونتها.

يبقى «العمود الفقري» هو الأساس الذي يعتمد عليه الجسم في حركته وثباته، وأي خلل فيه ينعكس على كافة أجهزة الجسم الأخرى، لذا فإن الاهتمام بنمط الحياة الصحي وممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على وزن مثالي هي مفاتيح أساسية للوقاية من أمراضه، كما أن الوعي بدور «دهون البطن» في زيادة آلام الظهر يجب أن يكون حاضرًا لدى كل شخص يسعى للحفاظ على صحته، لأن التوازن بين التغذية السليمة والنشاط البدني والراحة الكافية هو الطريق الأمثل لحماية «العمود الفقري» من التدهور.

نقلاً عن : القارئ نيوز