تُعد «الجلطة المعوية» من أخطر الحالات الصحية التي يمكن أن تصيب الإنسان بشكل مفاجئ، إذ تتسبب في انقطاع أو ضعف تدفق الدم إلى الأمعاء، مما يؤدي إلى تلف الأنسجة إذا لم يتم علاجها بسرعة، وقد عادت «الجلطة المعوية» إلى الواجهة بعد تعرض الفنانة «هدى المفتي» لأزمة صحية مفاجئة أثارت قلق جمهورها ومحبيها، حيث تساءل كثيرون عن طبيعة هذه الحالة وأسبابها ومضاعفاتها، خاصة وأنها قد تصيب أشخاصًا في أعمار مختلفة دون إنذار مسبق.
ما هي «الجلطة المعوية»
الجلطة المعوية هي انسداد في الأوعية الدموية التي تغذي الأمعاء، ما يؤدي إلى نقص الأكسجين والمواد الغذائية في أنسجة الأمعاء، ويحدث هذا الانسداد عادة نتيجة لتكوّن جلطة دموية في الشريان أو الوريد المعوي، وقد تكون «الجلطة المعوية» حادة تظهر أعراضها فجأة، أو مزمنة تتطور ببطء مع مرور الوقت، وتُعد هذه الحالة من الطوارئ الطبية التي تتطلب تدخلًا سريعًا لتجنب المضاعفات الخطيرة.
في الحالات الحادة، تتسبب «الجلطة المعوية» في توقف مفاجئ لتدفق الدم إلى جزء من الأمعاء، مما يؤدي إلى موت الأنسجة في ذلك الجزء، أما في الحالات المزمنة فقد يعاني المريض من ألم متكرر بعد تناول الطعام بسبب نقص التروية الدموية التدريجي، وتكمن خطورة هذه الحالة في أن أعراضها قد تكون غامضة في البداية مما يؤخر التشخيص.
أسباب «الجلطة المعوية»
تتنوع الأسباب التي قد تؤدي إلى «الجلطة المعوية»، ومن أبرزها الإصابة بأمراض القلب مثل الرجفان الأذيني أو ضعف عضلة القلب، حيث يمكن أن تتكون جلطات صغيرة في القلب تنتقل مع الدم إلى الأمعاء، كما تلعب اضطرابات تخثر الدم دورًا مهمًا في تكوين الجلطات داخل الأوعية، إلى جانب التقدم في العمر الذي يزيد من احتمالية تصلب الشرايين.
كذلك قد تؤدي الجراحات الكبيرة أو الصدمات الشديدة إلى زيادة خطر حدوث «الجلطة المعوية»، إضافة إلى العوامل الوراثية أو استخدام بعض الأدوية التي ترفع لزوجة الدم، كما أن التدخين وارتفاع ضغط الدم والسمنة المفرطة تعد من العوامل التي تزيد احتمالية الإصابة بهذه الحالة، لذلك من المهم متابعة الفحوص الطبية الدورية خاصة للأشخاص الذين يعانون من مشكلات في القلب أو الأوعية.
أعراض «الجلطة المعوية»
تظهر أعراض «الجلطة المعوية» غالبًا بشكل مفاجئ وتتمثل في ألم شديد بالبطن لا يتناسب مع الفحص السريري، أي أن المريض يشعر بألم قوي بينما لا تبدو البطن مؤلمة جدًا عند اللمس، كما قد يصاحب الألم غثيان وقيء وانتفاخ وصعوبة في الإخراج، وفي بعض الحالات قد تظهر علامات الجفاف والهبوط في الضغط.
أما في الحالات المزمنة فإن الأعراض تظهر بعد تناول الطعام بوقت قصير، حيث يعاني المريض من ألم متكرر في البطن مع فقدان الشهية ونقص الوزن، ويُعرف هذا النوع باسم «الذبحة المعوية» بسبب تشابهه مع الذبحة الصدرية التي تحدث في القلب، ويجب التنبه إلى أن إهمال هذه الأعراض قد يؤدي إلى تطور الحالة بشكل خطير.
تشخيص «الجلطة المعوية»
يعتمد الأطباء على مجموعة من الفحوصات لتشخيص «الجلطة المعوية» بدقة، منها تحاليل الدم التي قد تُظهر ارتفاع في عدد كريات الدم البيضاء أو مؤشرات الالتهاب، إلى جانب استخدام الأشعة المقطعية بالصبغة للكشف عن أماكن انسداد الأوعية، وفي بعض الأحيان يتم إجراء قسطرة للأوعية الدموية لتحديد مكان الجلطة بدقة.
ويعتبر التشخيص المبكر عاملاً أساسيًا في إنقاذ حياة المريض، لأن تأخر التدخل الطبي قد يؤدي إلى مضاعفات لا يمكن عكسها، مثل موت أنسجة الأمعاء والحاجة إلى استئصال جزء منها، لذلك فإن أي ألم بطني مفاجئ وشديد يستدعي مراجعة الطبيب فورًا دون تأخير.
مضاعفات «الجلطة المعوية»
تُعد مضاعفات «الجلطة المعوية» خطيرة للغاية إذا لم يتم علاجها في الوقت المناسب، فقد تؤدي إلى موت جزء من الأمعاء وحدوث تسمم في الدم نتيجة تسرب البكتيريا من الأمعاء إلى الدورة الدموية، كما قد تتسبب في حدوث فشل في الأعضاء الحيوية الأخرى مثل الكبد أو الكلى، وفي بعض الحالات الشديدة قد تصل إلى الوفاة.
كما أن بعض المرضى الذين ينجون من المرحلة الحادة قد يعانون من مشاكل مزمنة في الهضم أو من التصاقات في الأمعاء نتيجة العمليات الجراحية، مما يؤثر على جودة الحياة، لذا فإن التعامل السريع مع الحالة هو المفتاح الأساسي للشفاء.
علاج «الجلطة المعوية»
يعتمد علاج «الجلطة المعوية» على نوعها ومرحلتها، ففي الحالات البسيطة يمكن استخدام الأدوية المذيبة للجلطات ومضادات التخثر لتحسين تدفق الدم، بينما في الحالات الشديدة قد تكون الجراحة ضرورية لإزالة الجلطة أو استئصال الجزء المتضرر من الأمعاء، كما يتم إعطاء المريض سوائل وأدوية لدعم الدورة الدموية ومنع العدوى.
وفي بعض الحالات قد يلجأ الأطباء إلى استخدام القسطرة لإذابة الجلطة مباشرة داخل الشريان المتأثر، وهي طريقة فعالة لتجنب الجراحة في حال تم التدخل مبكرًا، كما يُنصح المرضى بعد الشفاء بالمتابعة الدورية وتناول الأدوية المانعة لتجلط الدم للحفاظ على تدفق الدم الطبيعي.
«الجلطة المعوية» في ضوء حالة هدى المفتي
أثارت أزمة الفنانة «هدى المفتي» تساؤلات كثيرة حول طبيعة «الجلطة المعوية» وكيف يمكن لشخص شاب أن يتعرض لها، وهو ما لفت الأنظار إلى أن هذه الحالة لا تقتصر على كبار السن فقط، بل يمكن أن تصيب الشباب نتيجة الإجهاد أو اضطرابات في الدورة الدموية أو حتى عوامل وراثية، مما يجعل الوعي بأعراضها أمرًا ضروريًا.
وقد سلطت هذه الحالة الضوء على أهمية «الاهتمام بالصحة الدورية» و«عدم إهمال أي ألم بطني مفاجئ»، فالتشخيص المبكر يمكن أن ينقذ حياة المصاب قبل تفاقم الوضع، وهو ما يجب أن يكون رسالة توعية للجميع.
الوقاية من «الجلطة المعوية»
للوقاية من «الجلطة المعوية» يُنصح باتباع نمط حياة صحي يشمل تناول غذاء متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام، والإقلاع عن التدخين، كما يُنصح بمراجعة الطبيب بانتظام خاصة لمن لديهم أمراض في القلب أو الأوعية الدموية، وتناول الأدوية الموصوفة بدقة دون إهمال.
كما أن شرب كميات كافية من الماء، وتجنب الجلوس لفترات طويلة، والابتعاد عن التوتر، كلها عوامل تساعد في حماية الجسم من تكون الجلطات، لأن «الوقاية خير من العلاج».
نقلاً عن : القارئ نيوز
