في خطوة مبتكرة، أعلنت الحكومة المصرية ممثلة في وزارة الإسكان عن خطتها لجمع 7 مليار دولار على مدار 4 سنوات من خلال المرحلتين العاشرة والتكميلية لمشروع “بيت الوطن”.
المشروع يهدف إلى بيع أراضٍ للمصريين المقيمين في الخارج، حيث سيتم بيع هذه الأراضي على مراحل، تبدأ بدفع مقدمات حالياً على أن تكون الأقساط السنوية للمصريين بالخارج تبدأ من 2026 وتنتهي في 2029.
طرح 6797 قطعة أرض جديدة للمغتربين المصريين
يشمل الطرح الجديد 6797 قطعة أرض جديدة في 18 مدينة سكنية، وهو ما يعد فرصة كبيرة للمصريين بالخارج للاستثمار في الأراضي المصرية. هذه الأراضي لن تكون مجرد استثمار عقاري، بل ستكون بمثابة أداة لتمويل المشروع القومي وتوفير العملة الصعبة التي تحتاجها الدولة في هذه المرحلة الاقتصادية الدقيقة.
الهدف الاستراتيجي: حل أزمة شح العملة
لا يقتصر مشروع “بيت الوطن” على كونه مجرد مشروع عقاري، بل هو بمثابة “جهاز تنفس دولاري” لمصر في فترات الأزمات الاقتصادية. هذا المشروع يمثل حلاً استراتيجياً لمشكلة شح العملة الصعبة التي تواجهها الدولة، بعد أن شهدت مصر نقصاً حاداً في النقد الأجنبي خلال السنوات الأخيرة.
تمثل هذه الأراضي المباعة فرصة لتأمين تدفق ثابت ومستمر للعملة الصعبة من خلال استثمارات المصريين بالخارج.
مصر تنجح في جمع 10 مليار دولار عبر “بيت الوطن” منذ 2012
منذ إطلاق مشروع “بيت الوطن” في 2012 وحتى بداية 2025، تمكنت مصر من جمع نحو 10 مليار دولار عن طريق بيع أكثر من 25 ألف قطعة أرض عبر 9 مراحل سابقة.
هذا الرقم يشير إلى نجاح المشروع في جذب الاستثمارات وتوفير السيولة الدولارية في فترات صعبة، ما يعكس قدرة “بيت الوطن” على أن يكون مصدرًا مستدامًا للعملة الصعبة في الاقتصاد المصري.

لماذا البيع بالدولار؟
قد يتساءل البعض عن السبب في أن بيع الأراضي يتم بالدولار، وعلى هذا النحو حصراً للمغتربين. الإجابة تكمن في أزمة العملة التي مرت بها مصر في الفترة الأخيرة، حيث كانت هناك صعوبة في توفير العملة الصعبة نتيجة لتوقف بعض الأنشطة الاقتصادية مثل التجارة الخارجية وتحويلات الأموال من المصريين بالخارج. ولكن مع تحرير سعر الصرف في مارس 2024، تم حل جزء كبير من الأزمة، إلا أن الحكومة قررت أن تواصل العمل على خلق مصادر دولارية مستدامة بعيداً عن السياحة أو بيع السندات.
تحويلات المصريين بالخارج: الداعم الأقوى لمصر
الأرقام تشير إلى أن تحويلات المصريين في الخارج قد سجلت مستوى تاريخيًا خلال العام المالي 2024/2025، حيث وصلت إلى 36.5 مليار دولار، بزيادة 66% عن الأعوام السابقة. هذه التحويلات تمثل مصدرًا قويًا للدولة، ويعكس ذلك حقيقة أن المصريين في الخارج أصبحوا أحد الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني. ولذلك، فإن مشروع “بيت الوطن” يتوجه إلى هؤلاء المغتربين بشكل استراتيجي لتحفيزهم على الاستثمار في الأراضي المصرية بالدولار.
هل بيع الأراضي هو الحل الاستراتيجي الوحيد؟
ثمة رأيان بشأن مدى استراتيجية بيع الأراضي في حل أزمة العملة الصعبة. الرأي الأول يرى أن هذا المصدر قوي ومستدام، لأنه لا يعتمد على السياحة أو الاستثمارات الأجنبية المتقلبة، بل يتعامل مع أصل ثابت يتم تبادله مقابل العملة الصعبة. أما الرأي الآخر فيرى أن هذا الحل ليس دائمًا، لأن بيع الأراضي يعد عملية تحويل أصول ثابتة إلى سيولة يتم استهلاكها. وبالتالي، يرى البعض أنه لابد من وجود خطة موازية لبناء أصول إنتاجية جديدة لضمان استدامة الاقتصاد بعيدًا عن هذه السيولة المؤقتة.
بيت الوطن: تمويل المدن الجديدة وبديل للمغتربين
رغم التحفظات التي قد يبديها البعض على بيع الأراضي كحل اقتصادي طويل الأمد، فإن الحكومة لا تتعامل مع مشروع “بيت الوطن” كإيراد صافي فحسب، بل يتم ربطه بمشروعات أوسع تتعلق بتمويل إنشاءات المدن الجديدة وتسكين فئة من المصريين المقيمين في الخارج الذين يرغبون في الاستثمار داخل مصر، بدلاً من تحويل أموالهم واستثمارها في الخارج.
نقلاً عن : تحيا مصر
