التخطي إلى المحتوى

حب الشباب من أكثر المشكلات الجلدية شيوعًا التي تؤرق الشباب والفتيات على حد سواء، فهو لا يؤثر فقط على مظهر البشرة بل على الثقة بالنفس أيضًا، ويُعتبر «حب الشباب» من الحالات التي تتداخل فيها العوامل الهرمونية والنفسية والغذائية، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن بعض «الأطعمة الشائعة» تلعب دورًا كبيرًا في تفاقم هذه المشكلة رغم أن كثيرين لا يدركون العلاقة المباشرة بين ما يتناولونه وما يظهر على بشرتهم من بثور أو التهابات.

علاقة الطعام بظهور حب الشباب

أكد خبراء التغذية أن هناك علاقة وثيقة بين النظام الغذائي وصحة الجلد، وأن تناول بعض الأطعمة التي تحتوي على نسب عالية من الدهون المشبعة أو السكريات البسيطة قد يؤدي إلى زيادة إفراز الزيوت في البشرة مما يسبب انسداد المسام وظهور «حب الشباب»، فالبشرة هي مرآة للجسم وما يحدث داخله، وكل خلل غذائي أو زيادة في بعض المكونات ينعكس بشكل مباشر على صفاء الجلد.

وتوضح الأبحاث أن الأطعمة السريعة مثل البرجر والبطاطس المقلية والبيتزا من أكثر الأطعمة التي ترتبط بظهور حب الشباب، لأنها غنية بالدهون المهدرجة والزيوت الصناعية التي ترفع من مستوى الالتهابات في الجسم، كما أن هذه الأطعمة تُضعف الكولاجين وتقلل من نضارة البشرة مما يجعلها أكثر عرضة للبثور والندبات.

السكريات والمنتجات المصنعة

تُعد «السكريات» من أبرز العوامل التي تزيد من احتمالية ظهور حب الشباب، فعندما يتناول الإنسان كميات كبيرة من السكر يرتفع مستوى الإنسولين في الدم مما يحفز إفراز الزيوت في الغدد الدهنية، ويؤدي ذلك إلى انسداد المسام وتهيئة بيئة مناسبة لنمو البكتيريا المسببة لحب الشباب، وتشير الدراسات إلى أن الحلويات والعصائر الجاهزة والمشروبات الغازية تُعد من أكثر المسببات لهذه الحالة الجلدية.

كما أن «الكربوهيدرات البسيطة» مثل الخبز الأبيض والمعجنات تساهم أيضًا في تفاقم المشكلة لأنها تُرفع من سكر الدم بسرعة، مما يؤدي إلى سلسلة من التفاعلات الهرمونية داخل الجسم تضر بالبشرة، لذلك يُنصح باستبدال هذه الأطعمة بالحبوب الكاملة والخضروات والفواكه الطازجة.

منتجات الألبان وتأثيرها على حب الشباب

أشارت دراسات طبية عدة إلى أن منتجات الألبان، وخاصة الحليب الكامل الدسم، قد تكون مرتبطة بزيادة ظهور حب الشباب، لأن الحليب يحتوي على هرمونات طبيعية تساهم في تحفيز الغدد الدهنية، مما يؤدي إلى زيادة إفراز الزيوت في البشرة، وهو ما يجعلها بيئة مثالية لتكون الحبوب، وتوصي بعض المراكز الطبية بتقليل تناول الحليب ومشتقاته للأشخاص الذين يعانون من حب الشباب المزمن أو المتكرر.

وأوضحت بعض الأبحاث أن تناول الزبادي قليل الدسم أو الألبان النباتية مثل حليب اللوز أو جوز الهند قد يكون بديلًا أفضل لمن يعانون من هذه المشكلة، كما أن إدخال البروبيوتيك في النظام الغذائي يساعد على تحسين التوازن البكتيري في الأمعاء مما ينعكس إيجابًا على صحة الجلد.

الشوكولاتة والمكسرات المحمصة

من أكثر الأسئلة التي تُطرح حول حب الشباب هو علاقة الشوكولاتة بظهور الحبوب، وتؤكد الدراسات أن «الشوكولاتة الغنية بالسكر والحليب» قد تسهم في زيادة الالتهاب داخل الجلد، بينما الشوكولاتة الداكنة التي تحتوي على نسب عالية من الكاكاو ونسبة منخفضة من السكر قد لا يكون لها نفس التأثير السلبي، فالأمر يعتمد على نوع الشوكولاتة وطريقة تصنيعها.

أما المكسرات، فبعضها مثل الفول السوداني والمكسرات المحمصة بالزيوت الصناعية يمكن أن تزيد من التهابات الجلد بسبب احتوائها على دهون غير صحية، بينما المكسرات الطبيعية غير المحمصة كالجوز واللوز تحتوي على أحماض دهنية مفيدة تساعد في تقليل الالتهاب وتحسين نضارة البشرة.

المشروبات التي تفاقم حب الشباب

لا تقتصر مسببات حب الشباب على الأطعمة الصلبة فقط، بل تشمل المشروبات أيضًا، فالمشروبات الغازية والعصائر الصناعية ومشروبات الطاقة تُعد من أكثر المسببات التي تُفاقم هذه الحالة، لأنها تحتوي على نسب مرتفعة من السكر والكافيين، مما يُحدث اضطرابًا في الهرمونات ويزيد من إفراز الزيوت في البشرة، كما أن الإفراط في تناول القهوة والمشروبات المنبهة قد يؤدي إلى الجفاف الداخلي للبشرة، مما يدفع الغدد الدهنية لإفراز المزيد من الزيت كآلية تعويضية.

أطعمة تحمي من حب الشباب

في المقابل، أوصت الدراسات الحديثة بتناول أطعمة معينة تساهم في «مقاومة حب الشباب» وتحسين صحة البشرة مثل الخضروات الورقية كالسبانخ والجرجير، والأسماك الدهنية مثل السالمون والسردين التي تحتوي على الأوميغا 3، فهذه العناصر تعمل على تقليل الالتهاب وتحسين مرونة الجلد، كما أن تناول كميات كافية من الماء يساعد على طرد السموم من الجسم والحفاظ على ترطيب البشرة.

كذلك يُعد فيتامين «إي» و«سي» من العناصر الأساسية التي تحافظ على نقاء البشرة وتحميها من الأكسدة، ويمكن الحصول عليهما من الفواكه الطازجة والمكسرات الطبيعية، إضافة إلى ممارسة الرياضة بانتظام التي تنشط الدورة الدموية وتُحسن من تغذية خلايا الجلد.

نصائح الإخصائيين

أكد الأطباء وخبراء التغذية أن السيطرة على حب الشباب لا تتطلب فقط استخدام الكريمات أو العلاجات الموضعية، بل يجب أن تبدأ من الداخل، أي من النظام الغذائي اليومي، فالتوازن في الأكل والابتعاد عن الأطعمة المصنعة والدهون المشبعة هو الخطوة الأولى نحو بشرة صافية خالية من البثور، كما يُنصح بالنوم الكافي والابتعاد عن التوتر لأنه من العوامل التي تحفز إفراز الهرمونات المسؤولة عن ظهور الحبوب.

وأضاف الخبراء أن «حب الشباب ليس علامة على قلة النظافة» كما يعتقد البعض، بل هو استجابة معقدة بين الهرمونات والغدد الدهنية والعادات الغذائية، وأن تجنب الأطعمة الضارة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في مظهر البشرة خلال أسابيع قليلة.

«حب الشباب» ليس مجرد مشكلة مظهرية بل هو انعكاس لنمط الحياة الذي نعيشه، وما نأكله يوميًا يُحدد بدرجة كبيرة صحة بشرتنا ونقائها، لذلك فإن الوعي بالأطعمة التي تُسبب تفاقم الحبوب يُعد خطوة أساسية نحو علاج فعال وطبيعي، فالبشرة السليمة تبدأ من المائدة، ومع قليل من الانتباه والاختيار الصحيح للطعام يمكن أن يستعيد الجلد توازنه وتألقه الطبيعي.

نقلاً عن : القارئ نيوز