التخطي إلى المحتوى

في خطوة علمية قد تغيّر مستقبل الرعاية الصحية الوقائية، كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة جونز هوبكنز الأمريكية أن تطبيقًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعديل نمط الحياة لدى الأشخاص المعرّضين للإصابة بـ السكري ، نجح في تقليل خطر الإصابة بالمرض بنفس كفاءة البرامج التقليدية التي يشرف عليها مختصون بشريون.

ونُشرت نتائج الدراسة في مجلة JAMA الطبية المرموقة، لتكون أول تجربة سريرية عشوائية من المرحلة الثالثة تُثبت أن برنامجًا رقميًا يعتمد كلياً على الذكاء الاصطناعي يمكنه تحقيق المعايير التي وضعتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) للوقاية من مرض السكري من النوع الثاني.

وقال الدكتور نيستوراس ماثيوداكيس، المدير المشارك لبرنامج الوقاية من السكري في جامعة جونز هوبكنز والمحقق الرئيسي في الدراسة: “تُعد هذه النتائج ذات أهمية خاصة، لأنها من المرات القليلة التي تُقارن فيها تجارب سريرية مباشرة بين تدخلات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وأخرى يقودها مختصون بشريون، وهو ما يفتح آفاقاً جديدة في أبحاث الطب الوقائي.”

تفاصيل الدراسة

شارك في التجربة 368 شخصاً بمتوسط عمر 58 عامًا، وتم توزيعهم عشوائيًا بين مجموعتين: الأولى شاركت في برنامج تقليدي بإشراف بشري عبر الإنترنت.

والثانية استخدمت تطبيقًا يعتمد على خوارزميات التعلّم المعزز التي تقدم إشعارات مخصصة لتحسين السلوك الغذائي، والنشاط البدني، وإدارة الوزن.

وأظهرت النتائج أن 31% من مستخدمي التطبيق الذكي و31.9% من المشاركين في البرامج البشرية تمكنوا من تحقيق المعايير المعتمدة للوقاية من السكري بعد عام واحد، ما يعني أن الأداء كان متقاربًا إلى حد التطابق.

مرونة أعلى ومعدلات التزام أفضل

أوضح الباحث بنجامين لالاني، المشارك في إعداد الدراسة وطالب الطب بجامعة هارفارد، أن سهولة الوصول كانت العامل الحاسم في تفوق التطبيق الذكي، مضيفًا: “العقبة الأكبر أمام إتمام برامج الوقاية عادة ما تكون في البدء بها، والبرامج الرقمية أثبتت أنها أكثر مرونة وتشجيعًا للمستخدمين على الالتزام منذ اللحظة الأولى.”

وسجلت الدراسة معدل بدء مرتفعًا في المجموعة التي استخدمت التطبيق (93.4%) مقارنة بالبرامج البشرية (82.7%)، كما كانت معدلات الإتمام أعلى أيضًا (63.9% مقابل 50.3%).

مستقبل الطب الوقائي

ويرى الباحثون أن هذه النتائج تمهد الطريق نحو توسيع اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية الوقائية، خاصة للفئات التي تواجه صعوبات في الوصول إلى الأطباء أو حضور البرامج التقليدية.

وأضاف لالاني: “البرامج المعتمدة على الذكاء الاصطناعي يمكنها العمل بشكل مؤتمت ومتواصل على مدار الساعة، مما يجعلها حلاً فعالاً لمشكلات نقص الكوادر الطبية وضيق الوقت.”

ويخطط الفريق البحثي لتوسيع نطاق الدراسة لتشمل فئات اجتماعية أوسع، خصوصاً تلك الأقل حظاً أو التي تفتقر إلى الموارد، إلى جانب دراسة مدى تقبّل المرضى لهذه البرامج والتكاليف الاقتصادية المرتبطة بها.

نقلة نوعية في الوقاية

تؤكد هذه النتائج أن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر دوره على التشخيص والعلاج فقط، بل يمتد إلى منع الأمراض قبل ظهورها، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الطب الشخصي والوقاية الرقمية في مواجهة مرض السكري.

نقلاً عن : تحيا مصر