التخطي إلى المحتوى

المفاصل تتأثر بشكل كبير بتغير الفصول وخاصة في فصل الشتاء حيث يعاني الكثير من الناس من «تفاقم آلام المفاصل» مع انخفاض درجات الحرارة، فيشعر البعض بتيبس وصعوبة في الحركة عند الاستيقاظ صباحًا أو بعد فترات من الجلوس الطويل، ويُرجع الأطباء هذا التغير إلى مجموعة من العوامل الفسيولوجية والبيئية التي تؤثر على أنسجة المفصل والعضلات المحيطة به مما يجعل الألم أكثر حدة في الشتاء مقارنة ببقية فصول العام.

انخفاض الحرارة وتأثيرها على المفاصل

عند انخفاض درجات الحرارة تنقبض الأوعية الدموية في الجسم مما يؤدي إلى «انخفاض تدفق الدم» نحو الأطراف والمفاصل، وهذا الانقباض يجعل العضلات المحيطة بالمفصل أكثر تيبسًا ويقلل من مرونتها، وبالتالي يشعر الشخص بألم مضاعف وصعوبة في تحريك المفصل بشكل طبيعي، كما أن «الضغط الجوي المنخفض» المصاحب لفصل الشتاء يؤدي إلى تغيرات في السوائل داخل المفاصل مما يزيد الإحساس بالألم والانتفاخ في مناطق مثل الركبتين أو الكتفين أو مفاصل اليدين.

ويشير الأطباء إلى أن الأشخاص الذين يعانون من التهابات مزمنة في المفاصل هم أكثر عرضة لتفاقم الأعراض في الشتاء لأن «الأنسجة الملتهبة» تتفاعل بقوة مع تغيرات الطقس، وتصبح أكثر حساسية لأي انخفاض في درجة الحرارة أو زيادة في الرطوبة، وهذا ما يفسر شكوى الكثيرين من صعوبة المشي أو القيام بالأعمال اليومية المعتادة خلال أيام البرد.

قلة الحركة وزيادة الوزن

من الأسباب الشائعة وراء زيادة آلام المفاصل في الشتاء هو قلة النشاط البدني، إذ يميل الناس إلى البقاء في المنزل لفترات طويلة تجنبًا للبرد، وهذا يؤدي إلى «ضعف العضلات» المحيطة بالمفصل، كما يقل تدفق الدم إليها، مما يزيد من حدة الالتهاب، لذلك فإن «الخمول» يعد أحد أهم العوامل التي تسرّع من تفاقم المشكلة وتجعل المفاصل أكثر تيبسًا، في حين أن «التمارين البسيطة المنتظمة» تساهم في الحفاظ على مرونة المفصل وتقلل من الإحساس بالألم.

ويضاف إلى ذلك أن زيادة الوزن خلال الشتاء نتيجة الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالسعرات تؤثر بشكل مباشر على المفاصل خاصة مفاصل الركبة والفخذ والقدم، لأن الوزن الزائد يشكل ضغطًا إضافيًا عليها ويزيد من «الاحتكاك الداخلي» في الغضاريف مما يفاقم الالتهاب، ولذلك ينصح الأطباء بالحفاظ على وزن صحي لتخفيف العبء الواقع على المفاصل.

تأثير الرطوبة والبرد على العظام

تؤكد بعض الدراسات أن الرطوبة العالية والبرد الشديد يسببان تقلص الأنسجة المحيطة بالمفصل ويزيدان من الإحساس بالألم، إذ تتأثر «مستقبلات الألم» في الجلد والأعصاب بدرجة الحرارة المنخفضة فتصبح أكثر حساسية، وهذا ما يجعل المفاصل متصلبة ومؤلمة أكثر من المعتاد، كما أن الهواء البارد قد يقلل من «إنتاج السائل الزلالي» داخل المفصل وهو السائل الذي يساعد على تليين الحركة وتقليل الاحتكاك، وبالتالي يصبح المفصل أكثر عرضة للخشونة والالتهاب.

نصائح لتخفيف آلام المفاصل في الشتاء

من أجل التخفيف من تفاقم آلام المفاصل خلال موسم البرد يقدم الأطباء مجموعة من النصائح البسيطة التي تساعد في «تحسين مرونة المفصل» وتقليل التيبس اليومي، ومن أبرز هذه النصائح الحفاظ على «الدفء المستمر» للجسم عن طريق ارتداء ملابس صوفية دافئة خاصة في مناطق المفاصل كالركبتين والمرفقين، كما ينصح باستخدام الكمادات الدافئة لتخفيف الألم وتحفيز تدفق الدم إلى الأنسجة.

إضافة إلى ذلك يجب ممارسة بعض «التمارين الخفيفة» مثل المشي المنتظم داخل المنزل أو تمارين التمدد، فهذه الأنشطة تحافظ على مرونة المفصل وتمنع التيبس، كما يمكن الاستعانة بتمارين الماء الدافئ أو اليوغا التي أثبتت فعاليتها في تخفيف الألم وتحسين الحالة النفسية للمريض، إذ إن «الحالة النفسية» تلعب دورًا في إدراك الألم، فالتوتر يزيد من الإحساس بالوجع بينما الاسترخاء يقلله.

وينصح الأطباء أيضًا بالاهتمام بالنظام الغذائي، فهناك أطعمة تساعد في «تقليل الالتهاب» مثل الأسماك الغنية بالأوميغا 3، والزيوت النباتية الطبيعية، والخضروات الورقية، والفواكه الغنية بمضادات الأكسدة، بينما يجب تجنب الأطعمة الدهنية والمقلية التي تزيد من الالتهاب في المفاصل، كما أن «شرب الماء بكثرة» يساعد على ترطيب الأنسجة ويحافظ على مرونة المفاصل.

أهمية المتابعة الطبية والعلاج الطبيعي

من المهم ألا يهمل المريض المتابعة مع الطبيب خاصة في فصل الشتاء لأن «تفاقم الألم» قد يشير إلى تدهور في حالة المفصل أو بداية خشونة، وقد يحتاج الأمر إلى جلسات علاج طبيعي لتقوية العضلات وتحسين حركة المفصل، كما يمكن أن يصف الطبيب أدوية مضادة للالتهاب أو مسكنات عند الضرورة ولكن تحت إشراف طبي دقيق لتجنب أي آثار جانبية.

ويُعتبر «العلاج الطبيعي» من الوسائل الفعالة في فصل الشتاء، إذ يستخدم الحرارة أو الموجات فوق الصوتية لتخفيف الالتهاب وتحسين تدفق الدم، بالإضافة إلى تمارين معينة تعمل على إعادة المرونة للمفصل وتخفيف الضغط عن الغضاريف، كما أن جلسات التدليك الخفيف تساعد على تنشيط الدورة الدموية وتقليل التوتر العضلي.

فصل الشتاء يمثل تحديًا كبيرًا لمرضى التهاب المفاصل لأن انخفاض الحرارة والرطوبة والخمول البدني جميعها عوامل تؤدي إلى «تفاقم الأعراض» وزيادة التيبس، إلا أن اتباع أسلوب حياة صحي يشمل الحركة المنتظمة، والدفء المستمر، والتغذية السليمة، والمتابعة الطبية المنتظمة يمكن أن يقلل كثيرًا من هذه المشكلات، فالعناية بالمفاصل ليست أمرًا موسميًا بل هي مسؤولية مستمرة للحفاظ على «جودة الحياة» وحماية الجسم من الألم المزمن.

نقلاً عن : القارئ نيوز