الحلويات صباحًا قد تبدو للكثيرين بداية جميلة ليوم جديد، ولكن وراء هذه المتعة السريعة تختبئ أضرار صحية كثيرة تمتد آثارها على المدى البعيد، فبينما تمنح الحلويات إحساسًا لحظيًا بالطاقة والنشاط، إلا أن الجسم يدفع ثمن ذلك لاحقًا من خلال اضطراب مستوى السكر والشعور بالتعب والإرهاق، الأمر الذي يجعل تناول الحلويات في الصباح عادة خاطئة تستحق التوقف عندها وفهم مخاطرها بعمق.
لماذا يفضل البعض تناول الحلويات في الصباح
يبدأ البعض يومه بقطعة من الكيك أو الشوكولاتة أو المعجنات المحلاة، ظنًا منهم أن الحلويات تمنحهم طاقة سريعة تساعدهم على التركيز ومواجهة ضغوط اليوم، غير أن هذه الطاقة ليست سوى دفعة مؤقتة من السكر ترتفع بسرعة في الدم ثم تهبط بشكل حاد، مما يؤدي إلى شعور مفاجئ بالخمول والجوع مجددًا، فيلجأ الشخص لتناول المزيد من السكريات، لتبدأ «الدائرة المفرغة» التي تؤثر سلبًا على توازن الجسم وصحته العامة.
إن تناول الحلويات في الصباح يسبب ارتفاعًا حادًا في مستوى الجلوكوز بالدم، وهو ما يدفع البنكرياس لإفراز كميات كبيرة من الإنسولين لتنظيم هذا الارتفاع، ومع تكرار هذه العملية يوميًا يزداد خطر الإصابة بمقاومة الإنسولين، وهي الحالة التي تسبق الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، لذلك فهذه العادة البسيطة قد تتحول إلى خطر صحي كبير مع مرور الوقت.
تأثير الحلويات على المزاج والطاقة
تحتوي الحلويات على نسب عالية من السكر البسيط الذي يتم امتصاصه بسرعة كبيرة في الجسم، فيشعر الإنسان بنشاط مؤقت، لكن بعد ساعات قليلة تنخفض مستويات السكر فجأة، ما يؤدي إلى تقلبات في المزاج وضعف التركيز والعصبية، ويشعر الشخص بحاجته الماسة لتناول المزيد من السكر لاستعادة الشعور بالراحة، فيدخل في حلقة إدمان خفية على الحلويات يصعب التخلص منها بسهولة.
وقد أثبتت دراسات عدة أن الإفراط في تناول الحلويات يؤدي إلى اختلال في إفراز بعض الهرمونات المرتبطة بالسعادة مثل الدوبامين، مما يجعل الشخص يعتمد على السكر كمصدر للراحة النفسية، ومع الوقت يصبح المزاج متقلبًا ومتأثرًا بتناول السكر أو غيابه، وهي حالة شبيهة بالإدمان الغذائي.
مشاكل الجهاز الهضمي عند تناول الحلويات على الريق
من المعروف أن المعدة في الصباح تكون فارغة، وتحتاج إلى طعام متوازن يحتوي على ألياف وبروتينات ودهون صحية لتبدأ عملية الهضم بطريقة سليمة، لكن تناول الحلويات على معدة فارغة يؤدي إلى تهيج بطانة المعدة وزيادة إفراز الأحماض، مما يسبب حموضة وانتفاخًا وقد يؤدي إلى ألم في البطن عند البعض، كما أن السكر الزائد يعطل نمو البكتيريا النافعة في الأمعاء، مما يؤثر على عملية الهضم والامتصاص.
علاوة على ذلك، فإن الحلويات المصنعة تحتوي على دهون مهدرجة ومواد حافظة قد تضعف صحة الجهاز الهضمي، وتجعل الجسم أقل قدرة على امتصاص الفيتامينات والمعادن الضرورية، مما ينعكس سلبًا على صحة الشعر والبشرة والمناعة.
أضرار الحلويات على صحة الأسنان
السكر الموجود في الحلويات هو العدو الأول للأسنان، فعند تناوله في الصباح دون تنظيف الفم بعد ذلك، يبقى السكر على سطح الأسنان لفترات طويلة، مما يتيح للبكتيريا فرصة إنتاج الأحماض التي تهاجم المينا وتتسبب في تسوس الأسنان، ومع مرور الوقت قد يفقد الشخص جزءًا من أسنانه أو يعاني من التهابات اللثة المزمنة.
كما أن تناول الحلويات اللاصقة مثل الكراميل أو الشوكولاتة السائلة يجعل عملية تنظيف الأسنان أكثر صعوبة، مما يزيد من فرص تراكم البكتيريا، لذلك ينصح أطباء الأسنان بتجنب السكريات في الصباح أو على الأقل غسل الفم جيدًا بعدها.
بدائل صحية تمنح الطاقة دون ضرر
بدلًا من تناول الحلويات على الريق يمكن استبدالها بخيارات طبيعية وصحية تمنح الطاقة بشكل متوازن، مثل تناول ثمرة موز مع القليل من زبدة الفول السوداني، أو كوب من الزبادي مع الشوفان والعسل الطبيعي، فهذه الأطعمة تحتوي على سكريات طبيعية وألياف تساعد على استقرار مستوى السكر في الدم وتمنح الجسم شعورًا بالشبع لفترة أطول.
كما يمكن تناول الفواكه الطازجة التي تحتوي على سكريات طبيعية بالإضافة إلى الفيتامينات والمعادن، فهي تقدم نفس الإحساس بالمذاق الحلو دون الأضرار التي تسببها الحلويات الصناعية، ويمكن كذلك شرب كوب من الماء الدافئ مع القليل من العسل والليمون كبديل لطيف يمد الجسم بالطاقة ويحفز عملية الأيض.
«تأثير الحلويات على زيادة الوزن»
الإفراط في تناول الحلويات صباحًا يؤدي إلى زيادة السعرات الحرارية اليومية بشكل كبير، خاصة أن الجسم في تلك الفترة لا يكون قد بدأ نشاطه الكامل بعد، وبالتالي يخزن الفائض من السكر على هيئة دهون، ومع مرور الوقت تظهر زيادة الوزن وخاصة في منطقة البطن، كما أن زيادة الدهون الداخلية ترتبط بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
ويشير الخبراء إلى أن تناول الحلويات في الصباح يجعل الشخص أقل قدرة على ضبط شهيته خلال اليوم، إذ يؤدي السكر إلى زيادة الرغبة في تناول الكربوهيدرات البسيطة بدلًا من الأطعمة الصحية، فيصبح من الصعب الالتزام بنظام غذائي متوازن.
«نصائح لتقليل الرغبة في تناول الحلويات صباحًا»
لتجنب مخاطر الحلويات ينصح الخبراء ببدء اليوم بشرب كوب من الماء فور الاستيقاظ لترطيب الجسم وتنشيط الدورة الدموية، ثم تناول وجبة إفطار متكاملة تحتوي على البروتين مثل البيض أو الجبن أو المكسرات، لأن هذه العناصر تساعد على تثبيت مستوى السكر في الدم وتقلل الرغبة في تناول السكر، كما يُفضل الابتعاد عن شراء الحلويات الجاهزة في المنزل حتى لا تكون في متناول اليد وقت الشعور بالجوع.
من المفيد أيضًا استبدال الحلويات المحلاة صناعيًا بالفواكه المجففة أو المكسرات أو العسل الطبيعي، مع الحفاظ على ممارسة الرياضة التي تساهم في تنظيم الشهية وتحسين المزاج بطريقة طبيعية دون الحاجة إلى سكر.
تناول الحلويات صباحًا قد يمنح متعة مؤقتة، لكنه يحمل في طياته «ضررًا طويل الأمد» يمس صحة الجسم والعقل والأسنان، فاختيار وجبة إفطار صحية ومتوازنة ليس حرمانًا من اللذة بل هو استثمار في «صحة أفضل» وطاقة مستدامة طوال اليوم.
نقلاً عن : القارئ نيوز
