الكساح يعد من الأمراض التي تثير قلق الكثير من الأسر خاصة مع ارتباطه الوثيق بنقص «فيتامين د» الذي يمثل أحد أهم العناصر الضرورية لصحة العظام ونمو الأطفال بشكل طبيعي، ويأتي هذا المرض ليكشف عن مدى تأثير التغذية غير السليمة أو قلة التعرض لأشعة الشمس على نمو العظام وقدرة الجسم على امتصاص الكالسيوم، ومع ازدياد الوعي الصحي في السنوات الأخيرة أصبح الحديث عن الكساح يتكرر بين الأطباء والأهالي خاصة عند ملاحظة أعراض غير طبيعية تظهر على الأطفال وتدفعهم للبحث عن معلومات دقيقة حول هذا المرض، ويعد «الكساح» حالة صحية يمكن الوقاية منها إذا جرى التعامل مع أسبابها ومعالجة نقص الفيتامينات والعناصر المعدنية في الوقت المناسب، ومع ذلك فإن تأخر اكتشافه قد يؤدي إلى تأثيرات طويلة المدى على نمو العظام وقوتها، الأمر الذي يجعل فهم أعراضه وعلاقته بنقص فيتامين د ضرورة لكل أسرة تسعى للحفاظ على صحة أطفالها.
ما هو مرض الكساح وعلاقته بنقص فيتامين د
يُعرف مرض الكساح بأنه اضطراب يصيب العظام لدى الأطفال نتيجة فشل الجسم في تمعدن العظام بشكل سليم نتيجة نقص «فيتامين د» أو نقص الكالسيوم أو الفوسفور، ويعمل هذا الفيتامين على تعزيز امتصاص الكالسيوم في الأمعاء وتوجيهه بشكل صحي إلى العظام، لذلك فإن نقصه يؤدي إلى ضعف واضح في عملية البناء مما ينتج عنه هشاشة ولين في العظام، ويعتبر الكساح من الأمراض التي تظهر في السنوات الأولى من العمر بسبب اعتماد العظام على العناصر الأساسية للنمو، ويحدث المرض عندما لا يحصل الطفل على الكمية الكافية من فيتامين د سواء من الغذاء أو من التعرض لأشعة الشمس، كما قد تظهر حالات الكساح لدى البالغين تحت مسمى لين العظام إلا أن صورته الأبرز ترتبط بالأطفال بسبب تزايد احتياجاتهم لبناء الهيكل العظمي خلال المراحل الأولى من النمو، وتؤكد الدراسات أن نقص فيتامين د من الأسباب الرئيسية في ظهور الكساح وأن تعويضه مبكرًا يجنب الطفل الكثير من المضاعفات.
أبرز أعراض مرض الكساح التي يجب الانتباه لها
تتعدد أعراض الكساح وتتشابه في بعض الأحيان مع مشكلات صحية أخرى، لكن وجود أكثر من عرض معًا يجعل احتمالية الإصابة أكبر، ومن أبرز هذه الأعراض ظهور لين واضح في عظام الساقين مما يؤدي إلى تقوس الساقين لدى الطفل، حيث تُعد هذه العلامة من أشهر العلامات التي تدفع الأهل للتوجه إلى الطبيب، كما يظهر لدى بعض الأطفال تأخر في النمو وتأخر في الجلوس أو المشي مقارنة بالأطفال في العمر نفسه، ويُلاحظ كذلك ضعف في عظام القفص الصدري مما يؤدي إلى بروز في منطقة الصدر يعرف باسم الصدر الحمامي، إضافة إلى ذلك قد يعاني الطفل من تشنجات عضلية متكررة بسبب نقص الكالسيوم كنتيجة مباشرة لنقص فيتامين د، ويُعد ألم العظام من العلامات المهمة التي يتحدث عنها الأطفال الأكبر سنًا إذا كانوا قادرين على وصف الألم، كما يظهر الكساح في شكل تأخر في ظهور الأسنان أو ضعف في بنيتها مما يجعلها أكثر عرضة للتسوس، وتعد هذه العلامات مجتمعة مؤشرًا قويًا على ضرورة الحصول على تقييم طبي شامل لتحديد مدى الإصابة.
كيف يؤثر نقص فيتامين د تحديدًا في ظهور الكساح
يعد «فيتامين د» عنصرًا محوريًا في عملية امتصاص الكالسيوم، حيث يقوم بتنشيط البروتينات المسؤولة عن نقل الكالسيوم من الأمعاء إلى الدم ثم إلى العظام، وعندما يقل الفيتامين ينخفض مستوى الكالسيوم في الجسم مما يدفع الغدد الجاردرقية إلى إفراز هرمون يعيد توازنه عن طريق سحب الكالسيوم من العظام، وهذا ما يؤدي إلى ضعف العظام وظهور الكساح، كما أن نقص التعرض للشمس يمثل عاملا مهمًا حيث تعمل أشعة الشمس فوق البنفسجية على تحفيز إنتاج الفيتامين في الجلد، وفي حال عدم التعرض الكافي أو استخدام واقي شمس بشكل مبالغ فيه قد يحدث النقص تدريجيًا، إضافة إلى ذلك فإن سوء التغذية وقلة تناول الأطعمة الغنية بالفيتامين مثل الأسماك الدهنية والبيض والحليب المدعم يمثل سببًا رئيسيًا وراء نقصه، وتؤكد البحوث الطبية أن الأطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية فقط دون مكملات فيتامين د أكثر عرضة لظهور الكساح لأن حليب الأم وحده لا يوفر الكمية الكافية من هذا الفيتامين.
كيفية تشخيص الكساح وأهمية التدخل المبكر
يبدأ تشخيص مرض الكساح عادة بالفحص السريري حيث يلاحظ الطبيب وجود علامات مثل تقوس الساقين أو تأخر النمو أو بروز الصدر، ثم يُجري الطبيب تحاليل دم لقياس مستويات الكالسيوم والفوسفور و«فيتامين د» إضافة إلى هرمون الغدة الجاردرقية لتحديد مدى الخلل الحاصل، وقد يلجأ الطبيب إلى عمل أشعة سينية للعظام للكشف عن درجة لين العظام أو وجود تشوهات، ويؤكد الأطباء أن التدخل المبكر يساعد في عكس الكثير من الأعراض قبل أن تتحول إلى تشوهات دائمة، خاصة إذا كان الطفل في سنواته الأولى حيث تكون العظام أكثر قدرة على التعديل، ويعتمد العلاج في الأساس على إعطاء مكملات فيتامين د والكالسيوم بجرعات يحددها الطبيب حسب عمر الطفل ودرجة النقص، كما قد يحتاج الطفل إلى جبائر أو علاجات فيزيائية في حال وجود تشوهات واضحة، وكلما كان اكتشاف الكساح مبكرًا زادت فرص التعافي دون آثار طويلة المدى.
طرق الوقاية من الكساح ودور الأسرة في حماية الأطفال
تعد الوقاية أفضل وسيلة لتجنب مرض الكساح، ويؤكد الأطباء أن التعرض المعتدل لأشعة الشمس لمدة تتراوح بين عشر وخمس عشرة دقيقة عدة مرات أسبوعيًا يساعد على إنتاج كمية كافية من «فيتامين د»، كما ينبغي على الأهل تقديم نظام غذائي غني بالعناصر المهمة مثل الحليب والأسماك والبيض والخضراوات الورقية لضمان حصول الطفل على العناصر الأساسية لنمو العظام، وقد يوصي الأطباء بإعطاء مكملات الفيتامين للرضع منذ الولادة لضمان عدم حدوث نقص، كما أن متابعة الطفل بشكل دوري وفحص نموه يساهم في اكتشاف أي علامات مبكرة تساعد على التدخل السريع، وتؤكد الجمعيات الطبية أن الدور التوعوي للأسرة يمثل الخطوة الأولى في حماية الأطفال من الكساح وأن الاهتمام بالتغذية والتعرض للشمس والفحوصات الدورية يجنب الكثير من المشكلات الصحية لاحقًا.
نقلاً عن : القارئ نيوز
