يعد «الكوليسترول» من العناصر الحيوية التي يحتاجها الجسم بكميات قليلة ومتوازنة، إلا أن ارتفاعه يسبب اضطرابات خطيرة تظهر تدريجيًا، وقد لا ينتبه الكثيرون إلى وجود مشكلة إلا بعد ظهور أعراض متأخرة، ومن أبرز هذه العلامات تلك التي ترتبط بآلام في الساقين خلال الليل، حيث يؤكد الأطباء أن «الكوليسترول» المرتفع يمكن أن يسبب مشكلات في الدورة الدموية تؤدي إلى إحساس مزعج بالألم والوخز والثقل في الساقين، خصوصًا عند الخلود للنوم أو خلال فترات الراحة الطويلة، ويعد هذا الألم من الإشارات غير المباشرة التي يجب التعامل معها بحذر، لأن إهمالها قد يقود إلى مضاعفات أشد خطورة تتعلق بالقلب والشرايين، وتزداد أهمية هذه العلامات حين ترتبط بأنماط غذائية غير صحية أو نمط حياة خامل، مما يجعل اكتشاف «الكوليسترول» الخفي أمرًا ضروريًا للحفاظ على الصحة العامة.
العلاقة بين «الكوليسترول» والدورة الدموية وتأثيرها على الساقين
إن ارتفاع «الكوليسترول» في الدم يؤدي إلى تراكم الترسبات الدهنية على جدران الشرايين، وهي العملية التي تُعرف باسم تصلب الشرايين، ومع استمرار تراكم هذه الترسبات يضيق المجرى الذي يمر فيه الدم، فتقل كمية الدم المتدفقة إلى الأطراف وخاصة الساقين، وهذا الانخفاض في تدفق الدم يتسبب في شعور الشخص بآلام مزعجة في الساقين ليلا، إذ إن العضلات في تلك اللحظات تكون أكثر حساسية لنقص الأكسجين، ويصاحب ذلك شعور بالثقل والتنميل وأحيانًا برودة في الساقين، ويعتبر هذا العرض من العلامات المبكرة التي تشير إلى وجود مشكلة في مستويات «الكوليسترول»، لذلك فإن مراقبة أي تغيرات في الساقين خلال الليل قد تساعد على الاكتشاف المبكر للخلل، ومن ثم التخلص منه قبل أن يتفاقم ويؤثر على صحة القلب والشرايين بشكل كبير.
آلام الساقين ليلا كعلامة من علامات «الكوليسترول» المرتفع
تظهر آلام الساقين خلال الليل لدى بعض الأشخاص بشكل متكرر، ويظن البعض أنها مجرد إرهاق عضلي أو نتيجة الوقوف الطويل خلال النهار، إلا أن الأطباء يشيرون إلى أن هذا النوع من الألم إذا كان مصحوبًا بشعور بالحرقة أو التقلص أو الثقل فقد يكون مرتبطًا مباشرة بارتفاع «الكوليسترول»، حيث يتسبب تراكم الدهون في عرقلة الانسياب السلس للدم داخل الشرايين المغذية للساقين، ومع انخفاض كمية الدم الواصلة إلى العضلات يشعر الشخص بألم مفاجئ عند الاستلقاء، وفي بعض الحالات يضطر المريض إلى تغيير وضعية نومه أو الوقوف للحظات لتخفيف الألم، وهو ما يعد دليلاً واضحًا على سوء تدفق الدم الذي غالبًا ما يرتبط بارتفاع مستويات «الكوليسترول»، كما قد يصاحب الألم ظهور تغيرات في لون الجلد أو إحساس بالبرودة أو بطء في التئام الجروح في الساقين، وهي مؤشرات إضافية توضح أن الشرايين لم تعد قادرة على نقل الدم بشكل فعال.
لماذا تظهر الأعراض ليلا أكثر من النهار
عند الخلود للنوم يحدث تغير طبيعي في وضعية الجسم، حيث يكون مستوى الساقين في مستوى القلب تقريبًا، مما يؤدي إلى تغيرات طفيفة في حركة الدم داخل الشرايين، وفي حالة وجود انسداد أو تضييق ناتج عن «الكوليسترول» المرتفع فإن هذه التغيرات تزداد وضوحًا خلال الليل، وهذا ما يجعل الألم يظهر أو يشتد عند الاستلقاء، كما أن ساعات الراحة تقل فيها حركة العضلات التي تساعد عادة على ضخ الدم إلى الأطراف، وبالتالي فإن قلة الحركة مع وجود انسداد قد يؤديان إلى شعور مزعج بالألم أو الخدر، إضافة إلى أن الليل هو الوقت الذي يختبر فيه الإنسان شعوره بشكل أكبر لأن الانشغالات اليومية تقل، مما يجعله أكثر وعيًا بالأعراض التي تكون موجودة فعلاً ولكن يتم تجاهلها خلال النهار، وهذا يؤكد أهمية الانتباه لأي ألم يزداد في الليل لأنه قد يكون مرتبطًا بمشكلة في «الكوليسترول» تستدعي فحصًا مبكرًا.
العلامات المصاحبة لآلام الساقين المرتبطة بارتفاع «الكوليسترول»
لا يقتصر الأمر على الألم فقط، بل قد تظهر مجموعة من العلامات التي ترافق آلام الساقين وتشير إلى ارتفاع «الكوليسترول»، ومنها بطء التئام جروح الساقين، إذ إن ضعف تدفق الدم يجعل الأنسجة تحصل على كمية أقل من الأكسجين اللازم للشفاء، كما قد يشعر الشخص ببرودة غير معتادة في الساقين حتى في الأجواء الدافئة، إضافة إلى تغير لون الجلد بحيث يميل إلى الزرقة أو الشحوب، وقد تظهر أيضًا تقلصات عضلية متكررة خاصة عند النوم، وكلها علامات ينبغي عدم إهمالها لأنها تعكس خللاً في الدورة الدموية قد يكون أساسه ارتفاع «الكوليسترول»، كما أن الشعور بالخدر أو التنميل في أصابع القدم أو بطن الساق يعتبر أيضًا من الأعراض المهمة، لأنها تدل على أن الأعصاب لا تحصل على التغذية الدموية الكافية، وهذا ما يحدث عادة عند ارتفاع «الكوليسترول».
نصائح لتقليل آثار «الكوليسترول» المرتفع وتخفيف ألم الساقين
من المهم التعامل مع ألم الساقين المرتبط بارتفاع «الكوليسترول» بطريقة شاملة، تبدأ بالانتباه للنظام الغذائي الذي يُعد العامل الأساسي في التحكم بمستويات «الكوليسترول»، حيث يُنصح بتقليل الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والمهدرجة، مثل الوجبات السريعة والأطعمة المقلية، والإكثار من تناول الخضروات الورقية والفواكه الغنية بالألياف، إضافة إلى ممارسة النشاط البدني بانتظام، لأن الحركة تساعد على تحسين تدفق الدم وتقليل تراكم الدهون في الشرايين، كما يُفضل إجراء فحوصات دورية لمستويات «الكوليسترول» خاصة إذا كان الشخص يعاني من تاريخ عائلي لأمراض القلب، ويمكن أن يسهم شرب الماء بانتظام في تحسين مرونة الشرايين وتسهيل حركة الدم، كما أن الحفاظ على وزن صحي يقلل من الضغط على الشرايين مما يساهم في تخفيف الألم، وفي حال استمرار الأعراض الليلية ينصح بمراجعة الطبيب لتقييم الحالة والحصول على العلاج المناسب.
أهمية الكشف المبكر عن «الكوليسترول» الخفي
يؤكد الأطباء أن الكشف المبكر عن ارتفاع «الكوليسترول» يمنع العديد من المضاعفات التي قد تصل إلى انسداد الشرايين بشكل كامل، وقد يتطور الأمر إلى جلطة قلبية أو سكتة دماغية، لذلك فإن ملاحظة آلام الساقين ليلا تعد من الإشارات التي يجب عدم تجاهلها، لأنها قد تكون أولى العلامات التي تنبه لوجود «الكوليسترول» الخفي، حيث يكون الارتفاع غير واضح ولا تظهر له أعراض قوية في النهار، ويعتبر هذا النوع من الارتفاع من أخطر الأنواع لأنه يتراكم دون أن يشعر به الإنسان، لذا فإن الانتباه المبكر يسمح بالسيطرة على الوضع وتجنب مخاطره، كما يمكن من خلال الفحص الدوري مراقبة التغيرات التي قد تحدث في مستويات «الكوليسترول» واتخاذ الإجراءات المناسبة بسرعة.
نقلاً عن : القارئ نيوز
